مناديل الكلينكس

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 22 مارس 2009 - 7:46 م بتوقيت القاهرة

 «لماذا تشترى البقرة إذا كنت تحصل على الحليب مجانا».. هذا المثل الذى كان يحلو لهنرى كيسنجر ترديده يبدو أن بعض البرتقاليين العرب لا يؤمن به.

البرتقاليون، ولمن نسى من القراء، هم تلك الطائفة من المعارضين فى بلدان مختلفة راهنوا على الوصول لكراسى الحكم عبر الدبابات والأموال والبرامج الأمريكية، خصوصا بعد الغزو الأمريكى للعراق فى مارس 2003.

التجربة نجحت فى أوكرانيا وجورجيا وفشلت فى دول أخرى كثيرة، بعضها موجود فى المنطقة مثل سوريا.

بالنسبة لمصر وبغض النظر عن النوايا وبغض النظر عن من هو الأحسن، الحكومة أو المعارضة فإن البعض اعتقد أنه يمكن أن يصبح بديلا لمجرد ارتداء (كرافتة برتقالية) ونسى أن الأمريكيين فى النهاية هم سادة الواقعية وأفضل من يطبق المنهج النفعى.

أمريكا أنشأت إدارة سمعنا عنها فيما بعد كانت تابعة للخارجية، وترأسها ابنة ديك تشينى وكانت إحدى مهامها هى دعم الحركات والقوى المحلية المؤيدة للنهج الأمريكى عبر برامج إعلامية ونفسية متنوعة ومعقدة تهدف فى النهاية إلى إقناع الرأى العام بأن هذه القوى هى أفضل من يحقق مصالح شعبه.
فى النموذج المصرى شأن أى بلد آخر، فإن الفيصل بالنسبة لأمريكا كان هو «من الذى يستطيع أن يحقق مصالحنا أفضل».

وعلى هدى هذه القاعدة الذهبية تم التضحية ببعض من حلموا بكرسى السلطة، أو حتى ببعض ذوى النوايا الحسنة الذين التقت مصالحهم مع مصالح واشنطن فى لحظة زمنية واحدة.

الذى يدعونا إلى تذكر هذه القصص التى يعود وقتها إلى عامى 2003 و2004 هو ببساطة الرسالة التى يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة قد سلمتها إلى الحكومة المصرية خلال الأيام الماضية، ومفادها أن العلاقة قد عادت «سمنا على عسل» وأن كل هرطقات إدارة بوش قد انتهت حتى إشعار آخر.

قد يسأل البعض: وما الذى يدفع إدارة أوباما إلى التضحية بـ«الليبراليين والبرتقاليين وكل دعاة الحريات والمجتمع المدنى؟» لمصلحة نظام يقول بعض ناقديه فى واشنطن إنه متكلس وغير ديمقراطى.
والإجابة ببساطة: «أنها المصالح يا غبى» قياسا على تعبير بيل كلينتون الشهير فى حملته الانتخابية ضد جورج بوش الأب «إنه الاقتصاد يا غبى».

المصالح بالنسبة لواشنطن ثابتة، لا فرق إذا حققها محمد أو جورج، سعد أو سعيد، نور أو ظلام.. المهم أن تتحقق وبالتالى فإنه يبدو أن الإدارة الأمريكية قد حسمت أمرها وانحازت إلى النظرية المصرية القديمة «اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش».

الخلاصة، أن كل المراهنين على الخارج يبدو أنهم لن يتعلموا أبدا وأنهم بالنسبة لمن يشغلهم فى الخارج ليسوا أكثر من مناديل كلينكس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved