حقوق الإنسان.. أين؟

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: الإثنين 22 مارس 2010 - 9:22 ص بتوقيت القاهرة

 فى الوقت الذى تستجيب فيه مصر بغضب شديد للتقرير الذى أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، والذى تضمن إدانة واضحة لعدد لا بأس به من انتهاكات حقوق الإنسان، فإنها تستقبل بترحيب شديد لجانا أمريكية متنوعة تأتى تارة من الكونجرس وتارة أخرى من السفارة الأمريكية بالقاهرة، للتفتيش على منطقة الحدود المصرية مع غزة. ومراجعة ما يعرف بمنشآت الحاجز الحديدى بين مصر والقطاع.

قد لا تبدو هناك علاقة فيزيقية أو طبيعية بين الفعلين.. غير أن القاسم المشترك فيهما هو النفوذ الأمريكى الذى يتدخل بصورة أو بأخرى. مرة بالمساعدة والتشجيع ومرة ثانية باللوم والتقريع.

وفى كلا الحالين يظل من الصعب بالنسبة للمواطن العادى أن يميز بين ما هو فى مصلحة مصر وما هو فى مصلحة أمريكا. فإذا كان من مصلحة مصر أن تقيم حواجز حديدية مع قطاع غزة لتمنع تهريب السلاح والمخدرات، فلماذا تستعين فى ذلك بأمريكا ما لم يكن لها هى الأخرى مصلحة فى إقامة سياج بين مصر وغزة، أو بعبارة أخرى فى إحكام الحصار الذى فرضته أمريكا وإسرائيل على قطاع غزة وجانب من الفلسطينيين فيه؟

وعلى الجانب الآخر من المعادلة، ترفض مصر تدخل أمريكا حين تعبر عن إدانتها لسجل حقوق الإنسان فى مصر، وما ترتكبه أجهزة الأمن من انتهاكات واعتقالات غير شرعية فى ظل قانون الطوارئ. مع أنه بغير السلطات الاستثنائية لقانون الطوارئ ما كان يمكن أن تكتمل دائرة الحصار التى تشارك فيها مصر على قطاع غزة. وبعبارة أخرى فإن هذه الانتهاكات والاعتقالات غير الشرعية لعشرات من جماعة الإخوان المسلمين، إنما تخدم سياسة أمريكية، تستهدف التأثير على البيئة السياسية وإضعاف القوى الإسلامية، واستبعاد الجماعة من العمل السياسى، خصوصا مع اقتراب أجل الانتخابات التشريعية والرياسية.

هل يمكن فى ظل هذه التركيبة المعقدة، أن تكون لمنظومة حقوق الإنسان فى مصر مصداقية يُعتد بها؟

لقد أصدر المجلس القومى لحقوق الإنسان تقريره عن حالة حقوق الإنسان عن عام 2009. وبدا التقرير الذى تلعثم فى موعده وأذيعت بعض تفاصيله فى جو من التكتم والتعتيم على خلاف التقارير السابقة، ودون اهتمام بإشراك الرأى العام ووسائل الإعلام فى الاطلاع على محتوياته وتوصياته.. انعكاسا لحالة عدم اليقين والتردى فى الكشف عن الأوضاع المزرية لحالة حقوق الإنسان.. فمازالت سياسات الأمن تطغى على الحريات فى جميع المجالات. ومازالت ممارسات التعذيب والاحتجاز غير القانونى والاعتقال الإدارى للناشطين الإسلاميين تجرى بوتيرة منتظمة.

وقد كان للهزة التى تعرض لها تشكيل المجلس، وإخراج بعض الشخصيات ذات الوزن فى الدفاع عن حقوق الإنسان تأثير سلبى على مدى ما يعلقه المجتمع المدنى والرأى العام من آمال فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان.

ويبقى من الضرورى أن يقال، إننا لا نستطيع أن ننتقد دولا أخرى فى مجال حقوق الإنسان.. أمريكا أو إسرائيل أو أوروبا، ما لم نتقبل ما يوجهه الآخرون إلينا. ولابد أن ندرك أن قوانين حقوق الإنسان أشبه بقانون الأوانى المستطرقة، تتدفق فيها السوائل بدرجة واحدة وعلى كل المستويات!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved