العبور الثالث لمصر

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 22 مارس 2015 - 9:50 ص بتوقيت القاهرة

مشارى الذايدى
الشرق الأوسط ــ لندن

مؤتمر شرم الشيخ فى مصر ليس مجرد مؤتمر اقتصادى، إنه ذلك، وأكبر منه، إنه «العبور الثالث» لمصر. عشرات الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، والشركات الكبرى، احتشدت فى مدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر، تحت عنوان دعم مصر اقتصاديا، والبحث عن مكامن الربح فى بلاد الكنانة.

هذا يعنى التصويت العالمى على شرعية الحكم المصرى، وإشهار الموافقة على صحة تدابير المصريين السياسية والقانونية.

إنه تصويت على شرعية 30 يونيو 2013 التى هبّ فيها المصريون لطرد جماعة الإخوان المسلمين من فوق عاتق مصر، الجماعة التى كادت تدخل بمصر نفقا مظلما لا نهاية له. كما هو شأن النظم السياسية ذات الثقافة الثورية الأصولية، مثل إيران.

العبور الأول لمصر كان عبورا حسيا ومعنويا، فى حرب أكتوبر 1973 التى نجح فيها الجيش المصرى بعبور مانع بارليف المائى الإسرائيلى، وضربت أقدام الجنود المصريين على شرق القناة.

العبور الثانى هو تجاوز المصير الخطير الذى كان يخطط له تلاميذ حسن البنا وسيد قطب لمصر، باستغلال فوضى ما سمى الربيع العربى.
فى حالات العبور الثلاث لمصر، كانت السعودية هى المتن الأكبر، الذى اعتضدت عليه مصر فى عبورها.

عبور حرب أكتوبر 73 كانت السعودية على الميعاد، بقيادة الملك فيصل. والعبور الثانى يونيو 2013 وكانت السعودية حينها درع مصر العالمية، ودافعت بقوتها، السياسية والاقتصادية والإعلامية، عن مصر فى لحظتها الحرجة تلك، وعَبَرَ المصريون، كان ذلك على يد الراحل العظيم الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

أما العبور الثالث، الذى نعيشه حاليا، فهو مؤتمر شرم الشيخ لدعم اقتصاد مصر، لذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حريصا على التأكيد على أن مؤتمر شرم الشيخ ما كان ليحدث لولا السعودية، والراحل الكبير، ولولا إصرار الملك سلمان على بقاء السعودية، حيث يليق بها مع مصر، حليفا وسندا، وأوفد خادم الحرمين الملك سلمان، ولى عهده الأمير مقرن للمؤتمر على رأس وفد رفيع، وأعلنت السعودية عن دعم سخى للاقتصاد المصرى، على هيئة ودائع بالبنك المركزى، ومشاريع، بمبلغ 4 مليارات دولار.

أعمق من لغة المال، لغة السياسة والشرعية، وقد جاء فى كلمة الأمير مقرن ولى العهد السعودى، أمام وفود العالم متحدثا عن طبيعة العلاقة المصرية السعودية قوله: «أثبتت الأحداث على مدى تاريخ علاقاتنا رسوخها، وأنها سرعان ما تتغلب على ما يكدر صفوها». وقال وهو يخاطب الغرب، وقد كان وزير الخارجية الأمريكى حاضرا: «نطالب المجتمع الدولى بعدم ازدواجية المعايير، والفهم الدقيق لما يجرى من أحداث، ودعم جهود الحكومة المصرية».

كلام أوضح من شعاع الشمس، لمن غشيت بصره غاشية من وهم أو رغبات دفينة. عشرات المليارات من الدولارات ــ ولم ينته العد بعد ــ حصيلة مؤتمر شرم الشيخ، على هيئة مشاريع وصفقات ومنح. لكن الأهم من هذا كله أن مصر عبرت للمرة الثالثة، وكانت السعودية معها كعادتها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved