احترام قواعد اللعبة واجب

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 22 أبريل 2020 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

جاء انهيار أسعار البترول العالمية خلال الأسبوع الحالى وتراجعها إلى مستويات غير مسبوقة، لكى يجدد الحديث عن تجاهل الحكومة لقواعد تسعير المواد البترولية التى وضعتها بنفسها وقبلها الشعب طائعا أو مختار.
قبل وقت قصير نسبيا كانت الدولة تدعم أسعار الوقود، كجزء من مسئوليتها الاجتماعية، لكن الحكومة رأت أن هذا الدعم ضد قواعد الاقتصاد الرشيد، وأن الإصلاح الاقتصادى يستوجب تحرير أسعار الوقود وربطه بالأسواق العالمية. وقبل الشعب المصرى «القواعد الجديدة لللعبة» التى وضعتها الحكومة والتى تقول إنه «سيجرى مراجعة سعر بيع هذه المنتجات (الوقود)، فى السوق المحلية على ألا تتجاوز نسبة التغيير فى سعر البيع للمستهلك ارتفاعا أو انخفاضا عن 10% من سعر البيع السارى».
فى ظل قواعد اللعبة التى وضعتها الحكومة ارتفعت أسعار الوقود بما يتراوح بين 300% و650% خلال 5 سنوات، حيث كان سعر بنزين 92 على سبيل المثال عام 2014 يبلغ 180 قرش للتر وارتفع عام 2019 إلى 8 جنيهات، فى حين ارتفع سعر بنزين 80 من 90 قرش للتر إلى 6.75 جنيه خلال الفترة نفسها، وارتفع سعر السولار بنفس المعدل تقريبا.
وبعد وصول الأسعار إلى هذه المستويات غير المسبوقة قالت الحكومة إنها قررت ربطها بالأسواق العالمية وستتم مراجعة الأسعار كل ثلاثة أشهر لزيادتها أو خفضها بنسبة 10% كحد أقصى وفقا لأوضاع السوق الدولية.
وجاءت أول مراجعة وفقا للقواعد الجديدة، وتم خفض السعر للبنزين بمقدار 25 قرشا فقط بدعوى أن هذه هى الأسعار العالمية، ثم جاءت المراجعة الثانية قبل أسابيع وكانت أسعار النفط العالمية قد تراجعت بأكثر من 50% ولم يشك أحد فى أن الحكومة ستخفض الأسعار بالحد الأقصى المسموح به وفقا لقواعدها هى أى بنسبة 10% ليفاجأ الناس بخفض سعر البنزين بمقدار 25 قرشا فقط أى بنحو 3.3% فقط مع الإبقاء على أسعار السولار التى تمس كل الناس بشكل فعلى باعتباره وقود وسائل النقل الجماعى والتجارى.
هذا الكلام يعنى أن الحكومة لم تلتزم بالقواعد التى وضعتها. ويعنى انها لم تحترم قواعد اقتصاد السوق التى ترفع شعارها كلما أرادت التحلل من مسئولياتها الاجتماعية وبخاصة تجاه الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
كان الواجب على الحكومة الالتزام بالقواعد التى وضعتها وتخفيض الأسعار بنسبة 10% من «سعر البيع السارى». لكنها بررت قرارها بالقول إن نسبة الخفض من «التكاليف المتغيرة» وأن الحكومة ستستخدم الفارق فى مساعدة «الغلابة» المتضررين من فيروس «كورونا المستجد». وكان ينبغى عليها ان تلتزم بالقواعد خاصة عندما يتعلق الأمر بالسوق واقتصادياته لأنه أمر حيوى لبناء الثقة بين الحكومة والسوق والمواطنين.
الالتزام بالقواعد خاصة من جانب الحكومة أمر واجب فى جميع الأحوال ويزداد وجوبه عندما يتعلق الأمر بقواعد السوق والاقتصاد، اما الالتفاف على هذه القواعد أو تجاهلها فإنه يبعث برسائل سلبية للمستثمرين والمواطنين ستكون خسائرها أكبر كثيرا من عدة مليارات من الجنيهات التى يمكن أن تكون الحكومة قد جنتها عندما قررت حرمان الشعب من الخفض المفترض لأسعار الوقود فى المراجعة الأخيرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved