روح إيطاليا
محمد سعد شحاتة
آخر تحديث:
الإثنين 22 يونيو 2009 - 4:49 م
بتوقيت القاهرة
أثبتت مباريات بطولة كأس العالم للقارات أن منتخبنا الوطنى يمكن أن يكون هدفا قوميّا تلتف حوله مصر من أقصاها إلى أدناها، بصدق وبساطة، دون حشد أو تجييش حكومى أو دعاية حق يراد به باطل، فالفرحة الغامرة التى أطلقها الفوز على إيطاليا.
فى شوارع مصر كلها، والهم الشديد الذى ركب الجماهير بعد مباراة الولايات المتحدة هما أكبر دليل على هذا، وتذكروا معى: كم هدفا قوميّا أعلنت حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة عنه، وحشدت كل طاقات الدعاية الجبارة التى تملكها دولة، ثم تبخرت فى الهواء؟
أعاد الفوز على إيطاليا، إلى الشعب كله، حسّا مفتقدا بالإنجاز، عوض مرارات تراكمت فى الحلوق والأفواه من خيبة أداء حكومى، ومن إحساس شديد بأن حكومات متعاقبة لا تعمل لصالح فقراء هذا البلد وتذلهم فى كل تفاصيل حياتهم.
وبالتالى أصبح إحساس الإنجاز قليلا ونادرا، فما بالك لو كان هذا الانجاز على بطل العالم المتوج، والدولة الرئيسة فى استقبال مهاجرين غير شرعيين، أو إعادتهم إلى أهلهم جثثا غرق أصحابها قبيل الوصول إلى سواحلها؟!
وأثبت الفوز على إيطاليا أن الشعب المصرى يمكن له أن يفعل شيئا إذا توافرت له ظروف الشحن المعنوى وانتفت الضغوط فتترك له حرية مسئولة تكفيه ليبدع فيخرج أقصى طاقاته ويستنزفها مرة واحدة بعد أن يسكر من نشوة الأداء الرفيع.
فيصدق أن هذا المستوى من الأداء هو الطبيعى، لكن أرض الواقع هى التى تفيقه على الصدمة مثلما فعلت مباراة الولايات المتحدة.
لا تلوموا المنتخب الوطنى أبدا، لكن فكروا كيف نجعل روح مباراة إيطاليا تظهر فى كل مناحى الحياة.