مؤتمر القمة العربى ومسئولياته الملحة

علي محمد فخرو
علي محمد فخرو

آخر تحديث: الجمعة 22 يوليه 2016 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

دعنا نكون صادقين مع أنفسنا إلى أبعد الحدود. فلقد كان من المفروض، سياسيا وأمنيا والتزاما قوميا أخلاقيا، أن ينعقد مؤتمر القمة العربى مرتين أو أكثر كل سنة، ليحاول المساعدة فى إطفاء الحرائق الهائلة التى عمت الوطن العربى فى الخمس سنوات الماضية. كانت أهوال الأحداث وتعقيداتها تستدعى ذلك وأكثر من ذلك.

ذاك أسف وعتاب تتقدم بهما الأمة إلى قادتها. ولأن الكثير من الوقت قد ضاع فإن المنطق يستوجب أن لا يكون اجتماع القمة العربية اجتماعا عاديا وروتينيا، وإنما يتحمل ذلك الاجتماع مسئولية تاريخية مفصلية فى حياة هذه الأمة. من هنا ننتظر أن ينظر المؤتمر فى تبنى الآتى:

أولا ــ فى مواجهة كل المحاولات الخارجية لإنهاء العمل العربى المشترك، من خلال طرح مشاريع شرق أوسطية مشبوهة وهادفة للتطبيع مع الكيان الصهيونى فى فلسطين المحتلة، هناك ضرورة لتكوين فريق من الساسة والمفكرين وممثلى المجتمع المدنى لوضع مشروع إصلاح شامل لمؤسسة الجامعة العربية، حتى تصبح مؤسسة قوية وقادرة وفاعلة وذات صلاحيات واسعة وممثلة لا للحكومات فقط وإنما للشعوب أيضا.

إن ترك الجامعة العربية فى ضعفها الحالى وقلة حيلتها، قد أصبح جريمة بحق وحدة هذه الأمة ونهوضها المشترك وأحلام شعوبها المستقبلية.

ثانيا ــ لقد أصبح جنون الجهاد التكفيرى العنفى، المشوه لصورة العرب وروح ثقافتهم، الدين الإسلامى، أصبح كارثة كبرى فى حياة هذه الأمة. وهناك حاجة ملحة لمواجهة هذه الكارثة. بجهد عربى مشترك له منطلقات فكرية واحدة، وله خطوط حمر واحدة لا يتخطاها أى قطر عربى بسبب مصالحه القطرية الذاتية، وله أساليب مواجهة سياسية وأمنية وإعلامية واحدة متناسقة متناغمة.

من هنا الأهمية الملحة لتكوين فريق آخر ليقترح استراتيجية عربية مشتركة يتبناها الجميع ويوقعها الجميع ويعمل بها الجميع، دون أى استثناء. هذه الاستراتيجية يجب أن تتعامل أيضا مع موضوع الانقسامات الطائفية فى حياة الأمة التى أصبحت تسمم حياة الأمة السياسية وتساهم فى استحالة العمل العربى المشترك.

***

ثالثا ــ لقد أدى ضعف وسقم الجامعة العربية من جهة وانغماس العديد من الأنظمة العربية فى موضوعى الجهاد التكفيرى والانقسام الطائفى، أدى كل ذلك إلى وجود خلافات وصراعات وسوء فهم فيما بين هذا القطر العربى أو ذاك على المستويات الرسمية والشعبية.

وبسبب ذلك انفتح المجال للتدخلات الأجنبية التى ساهم أكثرها فى إشعال مزيد من الخلافات والصراعات.

من هنا الأهمية القصوى للنظر فى وجود فريق من ذوى النوايا الحسنة وغير المنغمسة فى وحول الصراعات يناط بأعضائه القيام بمهمات الوساطات وتقريب وجهات النظر وجمع الأطراف المتحاربة حال وجود المشكلات وقبل تطورها إلى حالات اللاعودة واللاحل. من العيب علينا انتظار تدخلات هيئة الأمم ووزراء خارجية الدول الأجنبية من أجل إطفاء حرائقنا. وفى الواقع فإننا قد أصبحنا عبئا ثقيلا ومملا على العالم كله.

***

إن الوضع الصعب الخطر الذى تعيشه الأمة العربية وتكالب الأعداء والشامتين عليها من كل حدب وصوب وانقسام أنظمتها السياسية المريع والعبثى فى كثير من الأحيان. إن كل ذلك يحتم الانتهاء من كل ذلك خلال بضعة شهور. إذ هناك حاجة مصيرية لانعقاد مؤتمر قمة عربى آخر خلال ستة شهور قادمة، للنظر فيما يقدم للرؤساء من مقترحات وإقرارها.

سيكون مفجعا لو أن قادة هذه الأمة لم يرتفعوا إلى مستوى المسئولية التاريخية التى تحتمها الأحداث المفجعة المتلاحقة التى ستكون لها آثار وخيمة على مستقبل هذه الأمة.

إننا نذكر قادة الأمة الذين سيجتمعون بأن الكيان الصهيونى لن يهدأ قبل تدمير وتمزيق الأمة، بأن دول الجوار قد قررت أن تملأ الفراغ الذى أوجده ضعف هذه الأمة وتمزقها وعدم تفاهم أجزائها مع بعضها البعض، بأن المجتمعات العربية تغلى وترعد وتبرق وقابلة للانفجارات الهائلة. إن مسئوليتهم كبيرة وعليهم تحملها بالكامل وبالسرعة القصوى وبأعلى درجات الالتزام القومى والأخلاقى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved