برنامج الفضاء الصينى عسكرى أكثر مما نعتقد

قضايا عسكرية
قضايا عسكرية

آخر تحديث: الخميس 22 يوليه 2021 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defense One مقالا للكاتبة تايلور لى والكاتب بيتر سنجر، تحدثا فيه عن الطبيعة العسكرية الشديدة لبرنامج الفضاء الصينى، مقترحين أن يتم تعاون أمريكى صينى فى مجال الفضاء لتخفيف التوتر بين الدولتين لكن هذا التعاون يجب أن يتسم بالحذر الشديد نظرا لمشاركة جيش التحرير الشعبى بشكل قوى فى برنامج الفضاء الصينى... نعرض منه ما يلى.

فى الرابع من يوليو الجارى، احتفلت الصين بأول رحلة فضاء قام بها روادها لمحطة تيانجونج «القصر السماوى»، وهى أول محطة فضاء دائمة تبنيها بكين فى مواجهة محطة الفضاء الدولية التى تجمع الولايات المتحدة وروسيا وكندا وأوروبا واليابان. تمثل هذه المحطة خطوة رئيسية لبرنامج الصين الطموح فى الفضاء، وعلامة حية لما سيأتى. ففى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم الصين جمع عينات من كويكب قريب من الأرض، وإنهاء بناء محطتها الفضائية التى يبلغ وزنها 60 طنا.

أدى هذا التطور الملحوظ إلى سلسلة من برامج التعاون الفضائى الدولى مع الصين، بما فى ذلك وكالة الفضاء الأوروبية وتدريب رواد الفضاء معًا، كما تم الإبلاغ عن 42 تطبيقًا مهمًا لبرامج البحث المشتركة. البعض يحث الولايات المتحدة والصين على التعاون فى الفضاء كوسيلة لتخفيف التوتر بين القوى العظمى، على الرغم من أن ناسا ممنوعة فعليًا من مثل هذا التعاون.
الميل العسكرى لبرنامج الفضاء الصينى وراء تعقيد هذا التعاون. فمنظمات تخطيط وتوجيه الفضاء، والبنية التحتية الأرضية التى تدعم برامج الفضاء الصينية، ورواد الفضاء أنفسهم كلها تحت إشراف جيش التحرير الشعبى. وفهم هذه الروابط مهم لأية خطط للتعاون مع الصين فى الفضاء، سواء كانت حكومية أو تجارية.
على الجانب التنظيمى، إدارة الفضاء الوطنية الصينية، والتى تركز على التبادلات الدولية لبرامج الفضاء، تقع تحت إدارة الدولة للعلوم والتكنولوجيا والصناعة، والتى بدورها تتعامل مع العلوم والتكنولوجيا المتعلقة بالدفاع، بما فى ذلك التكتلات الدفاعية المملوكة للدولة فى الصين. ومع ذلك، على عكس وكالة ناسا، فإن إدارة الفضاء الوطنية الصينية لا تشرف على رواد الفضاء الصينيين لكن المنظمة المسئولة بالفعل عن برنامج الفضاء الصينى هى مكتب هندسة الفضاء المأهول الصينى، والذى يخضع لإدارة تطوير معدات اللجنة العسكرية المركزية فى الصين.

وبالمثل، البنية التحتية لبرنامج الفضاء الصينى هى أيضًا ذات طبيعة عسكرية شديدة. حيث يتم تشغيل مواقع الإطلاق ومراكز التحكم والعديد من الأقمار الصناعية مباشرة بواسطة جيش التحرير الشعبى الصينى. رواد الفضاء ينطلقون من مركز جيوتشيوان الفضائى (المعروف أيضًا باسم القاعدة 20 لقوة الدعم الاستراتيجى لجيش التحرير الشعبى، وذراعه الفضائية والإلكترونية).
أما العنصر البشرى، ففى حين أن معظم رواد فضاء ناسا هم أعضاء فى الجيش الأمريكى، فإن الباقى علماء مدنيون وحتى مدرسون. فى المقابل، جميع رواد الفضاء الصينيين هم أعضاء نشطون فى قوة الدعم الاستراتيجى لجيش التحرير الشعبى ويشكلون فيلق رواد الفضاء تحت إشراف مركز أبحاث وتدريب رواد الفضاء الصينى التابع لجيش التحرير الشعبى.

تم اختيار أول رواد فضاء خضعوا للتدريب الكامل فى المركز من القوات الجوية لجيش التحرير الشعبى وكان ذلك فى أواخر التسعينيات. ومنذ ذلك الحين، عقدت الصين جولتين أخريين من اختيار رواد الفضاء، فى إحداهما تم اختيار بعض المرشحين من خارج الجيش، ولكن كما هو مذكور أعلاه يخدمون تحت قيادة قوة الدعم الاستراتيجى لجيش التحرير الشعبى.
بالرغم من ذلك، لا تعلن الصين بشكل علنى عن الانتماء العسكرى لمن هم فى برنامجها الفضائى. على سبيل المثال، يُظهر موقع الويب باللغة الصينية التابع لمكتب هندسة الفضاء الصينى قائد البرنامج لى شانجفو بالزى العسكرى، مشيرًا إلى دوره الرئيسى كمدير لإدارة تطوير معدات اللجنة العسكرية المركزية. لكن شانج هونج، نائب قائد البرنامج، يظهر مرتديًا بدلة فضاء. أما فى النسخة الإنجليزية للموقع، فلا يوجد زى رسمى (أو أفراد من القيادة الفضائية) يمكن العثور عليهم.

بالتأكيد هناك العديد من الروابط بين برنامج فضاء الولايات المتحدة وجيشها. على سبيل المثال، العديد من مواقع الإطلاق والهبوط هى قواعد عسكرية، مثل قاعدة فاندنبرغ للقوة الفضائية وقاعدة إدواردز الجوية. لكن درجة السيطرة العسكرية، والافتقار إلى الوسطاء المدنيين، والتسلسل القيادى المحدد، ومهام «الاندماج العسكرى ــ المدنى» لبعض المؤسسات المدنية، كلها واضحة بشكل كبير فى برنامج الفضاء الصينى مما يجعل الميل العسكرى أقوى بشكل ملحوظ.
على أى حال، اقتحام الصين للفضاء يجلب العديد من فرص التعاون المحتملة فى مجالات العلوم والتجارة والاستكشاف. ومع ذلك، فإن المشاركة المباشرة لجيش التحرير الشعبى فى جزء كبير من برنامج الفضاء الصينى تعنى أن الحذر مطلوب. فأى تقنية أو معلومات حساسة تتم مشاركتها مع هذه الكيانات الفضائية على المستوى التنظيمى والبنية التحتية والبشرية تتدفق إلى جيش التحرير الشعبى الصينى. مفهوم أن هذا مهم لأن التقنيات المستخدمة فى الرحلات والمركبات الفضائية يمكن تطبيقها على أسلحة مثل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، بجانب استخدام القدرات الفضائية فى الحرب المضادة للأقمار الصناعية.

بكلمات أخرى، هناك مجالات محتملة يمكن أن تتعاون فيها الإدارة الأمريكية أو الشركات الخاصة مع برنامج الفضاء الصينى من أجل المصلحة المشتركة، لكن يجب أن يتضمن هذا التعاون فهمًا واضحًا للطبيعة العسكرية لجزء كبير من برنامج الفضاء الصينى. والقيام بخلاف ذلك، لا يعنى فقط المخاطرة بالأمن القومى والملكية الفكرية الأمريكية، ولكن أيضًا المخاطرة بأن تصبح مشاريع التعاون هذه نقاط توتر فى المستقبل بدلا من أن تصبح تلك المشاريع خطوة جيدة لتعزيز السلام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved