نشر موقع Eurasia review مقالا للكاتب جيمس دورسو بتاريخ 4 أغسطس تناول فيه سيناريوهات متوقع حدوثها للعالم بأسره إذا شنت أمريكا وإسرائيل حربا ضد إيران... نعرض من المقال ما يلى.وقع كل من الرئيس الأمريكى جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى يائير لابيد الإعلان المشترك بشأن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل الذى بموجبه تتعهد الولايات المتحدة بمنع إيران من حيازة أسلحة نووية بالاستعانة بجميع عناصر قوتها الوطنية فى سبيل ضمان تحقيق تلك النتيجة.
على الرغم من قول بايدن «الدبلوماسية هى أفضل طريقة»، فإن توقيعه على الإعلان هو ما يهم قادة إسرائيل الذين أعلنوا، «إذا واصلت [إيران] تطوير برنامجهم النووى، فإن العالم الحر سيستخدم القوة» و«لن تمتلك إيران أسلحة نووية ــ لا فى السنوات القادمة، ولا فى أى وقت مضى».
إذا كانت الولايات المتحدة تنوى مساندة إسرائيل خلال تلك الرحلة، نأمل أن تفكر واشنطن فى أشياء أخرى مثل: من يقرر مهاجمة إيران؟ كيف سيتم الكشف عن تلك المعلومات للنقاش العام؟
وصف البيت الأبيض التزامات الولايات المتحدة تجاه أمن إسرائيل بأنها «لا تتزعزع» وأنها «التزامات أخلاقية»، لكنها ليست التزامات مقدسة ويجب على واشنطن التفكير مليا فى التأثير على المنطقة والعالم إذا قررت إسرائيل مهاجمة إيران.
هل ستصبح إيران قوة نووية؟
حتى إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، يعتقد فرصة إيقاف إيران دون الإضرار بباقى أرجاء العالم قد والت، لكنه يعتمد أيضا على الانهيار الوشيك للنظام الإيرانى وأن الشعب الإيرانى سيكون بعد ذلك أكثر قابلية للتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة من خلال التنازل عن قدرته النووية.
تشعر إسرائيل أنها تسابق عقارب الساعة مع اقتراب إيران من الوضع النووى، على الرغم من أن أحد كبار المسئولين الإيرانيين يزعم أن إيران «لديها القدرة الفنية على صنع قنبلة نووية» لكن طهران «لم تتخذ قرارا بصنع قنبلة ذرية».
وفقا لما صدر عن أبحاث الكونجرس الأمريكى، «تمتلك طهران القدرة على إنتاج أسلحة نووية فى مرحلة ما، لكنها أوقفت برنامج أسلحتها النووية ولم تتقن جميع التقنيات اللازمة لبناء مثل هذه الأسلحة».
تسابق إسرائيل أيضا التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الذى إذا نجح سيخفف التوترات فى المنطقة ويزيد من العواقب على الدولة اليهودية إذا بدأت حربا أخرى فى المنطقة ممهدة الطريق أمام أضرار لا توصف للاقتصاد العالمى.
كان التأثير الاقتصادى للحرب الروسية الأوكرانية محدودا للولايات المتحدة مقارنة بالعديد من الدول الأوروبية والأفريقية والشرق أوسطية. لكن الأمر سيختلف كثيرا مع نشوب حرب فى الخليج بسبب إيران، سيتم إغلاق شحنات النفط والغاز الطبيعى والبتروكيماويات. ولا ننسى أن الخليج العربى، عبر مضيق هرمز، هو مصدر «نحو 21٪ من استهلاك السوائل البترولية العالمى». مما يعنى أن دولة تبدأ حربا غير مبررة ستساهم بالتسبب فى أضرار بالغة الخطورة للاقتصاد العالمى.
فى رواية أخرى لكاتب المقال، ربما تقترب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من إسرائيل لكن عائلاتهما الحاكمة لن تتجاهل غضب مواطنيها إذا شنت إسرائيل هجوما غير مبرر على إيران. هل إسرائيل مستعدة لعرض قضيتها على العالم قبل أن تدمره؟
إذا هاجمت إسرائيل إيران، حتى لو لم تنجح، فإن بقية العالم، وخاصة العالم النامى، سيتضررون من الارتفاع الصاروخى فى أسعار الطاقة وتعطل روابط التجارة والنقل والهجرة.
فى الواقع، يجب أن تكون العواقب المفروضة مصدر قلق لواشنطن. لأن إيران ستفترض أن الولايات المتحدة صاغت هجوما ووافقت عليه، لذا سترد بضرب القوات الأمريكية فى المنطقة، المتمركزة فى الإمارات والعراق والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وقطر وعمان، بينما تستقر إسرائيل فى أمان على بعد 1000 ميل من الخليج العربى.
قد تعيد الدول المضيفة بعد ذلك تقييم فائدة وجود القوات الأمريكية وتدعوها إلى المغادرة، مما يضعف الوجود والنفوذ الأمريكى، كل ذلك لصالح إيران وأصدقائها روسيا والصين. بالإضافة إلى ذلك، ستزيد الجماعات الإرهابية حزب الله وحماس، المدعومة من إيران، الهجمات على إسرائيل مع العلم أنها ستستفيد من الدعم الشعبى ضد المعتدى.
سيترتب على هجمات القوات الإسرائيلية انتهاك المجال الجوى للعديد من الدول، ولا سيما العراق والمملكة العربية السعودية، وسيتعين عليها القيام بذلك بشكل متكرر لأن العديد من الطلعات الجوية قد تكون مطلوبة لضمان انتهاء البرنامج النووى الإيرانى. سيتعين على الحكومات فى بغداد والرياض أن تمتص غضب المواطنين على الفور من انتهاك سيادتهم وقد نشهد المشهد الكابوسى لصدام الطائرات المقاتلة السعودية مع الإسرائيلية، ويترتب على ذلك محاولة الحكومة الأمريكية أن تأمر السعوديين بالتنحى، لكنها يجب أن تتعلم وقتئذ كيف تستعد لعالم لم يعد فيه سعر النفط بالدولار الأمريكى.
إذا تعرضت إيران للهجوم، دون سبب على ما يبدو، فكيف ستستفيد؟
فى البداية، سيكون لديها سبب وجيه للتخلى عن معاهدة عدم الانتشار النووى مع تسليط الضوء على أن إسرائيل لم تكن أبدا فى تلك المعاهدة، إضافة إلى صنع أسلحة نووية مع الإفلات من العقاب.
وستجنى إيران فائدة التعاطف الشعبى المحلى الذى سيدفع قادة الشرق الأوسط، ورفاق إسرائيل الجدد فى اتفاق أبراهام، إلى الاقتراب من طهران وإحياء الروابط الاقتصادية والثقافية الخاملة بسبب العقوبات الأمريكية، هل تجرؤ واشنطن على فعل شىء حيال ذلك؟.
ربما لا يرغب الجمهور الأمريكى المتذمر بعد ضخ 4 تريليونات دولار فى العراق وأفغانستان، الانضمام إلى القتال خصوصا بعد أن باعت ووهبت الولايات المتحدة إسرائيل كل سلاح طلبته على الفور.
هل تريد القيادة الإيرانية هزيمة الدولة اليهودية؟ بالتأكيد، لكنها لن تعتمد على الأسلحة النووية فى ذلك.
يهتم القادة فى طهران بالبقاء أكثر من محاولة القضاء على الدولة اليهودية بأسلحة الدمار الشامل، لذلك سيعتمدون على الضغط البطىء من قبل حزب الله وحماس وقواتهم فى لبنان وسوريا. ستبقى إيران الصراع دون النووى لرفض تبرير إسرائيل للهجوم، بينما تصبح فكرة الدولة النووية بداية للقدرة على تجميع قنبلة بسرعة عند اللزوم. وستواصل برنامجها لتطوير الصواريخ لهذا السبب. فى الواقع، الإعلان عن اختبار ناجح للسلاح النووى، وما تلاه من انسحاب للبرنامج (مع إعادة إدخال مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، قد يكسب الجمهورية الإسلامية بعض الفضل فى الشفافية.
تزعم إسرائيل أن لها «الحق فى الدفاع عن النفس» لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لكن الأمر هنا يختلف كثيرا عن مسألة قصف بعض المواقع الاستيطانية لحزب الله.
إن الهجوم الإسرائيلى الخالى من الأدلة على إيران من شأنه أن يضعف الاقتصاد العالمى ويضمن العزلة طويلة الأمد للدولة اليهودية، وليس فقط من قبل جيرانها العرب بل ستشمل أجزاء أوسع من العالم.
ما لم تتمكن القدس من رفع قضية ضد إيران، فإن أفضل حل للجميع هو استمرار حملة الاغتيالات والتخريب التى يقوم بها الجانبان. بدء حرب لأن شخصا ما يوما ما قد يكون قادرا على بناء قنبلة نووية مؤلم ومكلف، كما تعلمت أمريكا الدرس فى العراق.
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص الاصلى https://bit.ly/3welkI