الصراع في شرق الكونغو.. شرارة لصراع إقليمي

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الخميس 22 سبتمبر 2022 - 8:09 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب رافييل بيرينز، تناول فيه وضع الصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، كيف بدأ؟ إلى أين وصل؟، ومدى تأثيره في تأجيج صراع إقليمي في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية؟. أخيرا تحدث الكاتب عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف الإقليمية والدولية في تهدئة الأوضاع وإرساء الاستقرار... نعرض من المقال ما يلي.

إن التنافس العرقي والجيوسياسي بين جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا، وأوغندا، وبوروندي، ومختلف الجماعات المسلحة منذ عام 1996 أجج الصراع في الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأدى إلى مقتل ما يقرب من ستة ملايين شخص، مما يجعله أحد أكثر الصراعات دموية في تاريخ العالم.

لذلك، يجب على كينيا والولايات المتحدة وحلفائها العمل مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وجيرانها لحل النزاع وإرساء الأساس لمستقبل سلمي للمنطقة. يمكن أن يكون الصراع الحالي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بمثابة برميل بارود، يؤدي إلى اندلاع حريق في منطقة البحيرات العظمى ويبتلع رواندا وأوغندا وبوروندي. كما قد يؤدي تجاهل الصراع إلى عدم استقرار هائل في وسط وشرق إفريقيا في المستقبل، مما يوفر وسيلة للتدخل الصيني أو الروسي أو توسع الدولة الإسلامية ISIS.

• • •

كيف وصلت جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى حالة الصراع هذه والتي يبدو أن لا نهاية لها؟ في الواقع، ابتليت شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بالصراع بين مجموعة متنوعة من الفصائل المسلحة، تمثل الفصائل مجموعات عرقية ودينية مختلفة. وأدت الإبادة الجماعية في رواندا في الفترة 1993-1994 إلى زيادة اشتعال هذا الصراع، حيث فر مرتكبو الإبادة الجماعية والضحايا من رواندا، مما أدى إلى وجود أعداد كبيرة من اللاجئين واللاجئات الذين يسكنون شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية حتى يومنا هذا. كان رد فعل هؤلاء اللاجئين على الافتقار إلى الحكم القوي في هذا الجزء هو بناء الميليشيات. وأصبحت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية غير قادرة على حل هذه القضية.

تشمل الجماعات المسلحة حركة 23 مارس، والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا، والقوات الديمقراطية المتحالفة. انضم اللاجئون إلى هذه الجماعات على أمل تحقيق مكاسب اقتصادية أو بسبب الحماس الأيديولوجي. اتهمت جمهورية الكونغو الديمقراطية رواندا بدعم حركة 23 مارس؛ واتهمت رواندا أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي بدعم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا؛ واتهمت بوروندي رواندا بدعم منظمة ريد-تابارا؛ واتهمت أوغندا رواندا بدعم القوات الديمقراطية المتحالفة.

كانت نتيجة هذه التوترات والاضطرابات أن وفر النزاع لجميع الأطراف المعنية، بوروندي ورواندا وأوغندا، وسيلة للاستغلال الاقتصادي، منتهزين عدم سيطرة السلطات الكونغولية على المنطقة. وهذا يطرح سؤالا: لماذا لم تقم الدولة الكونغولية بقمع مثل هذا العنف؟ الإجابة هي أنه بالرغم من محاولات الرئيس فيليكس تشيسيكيدي الأخيرة للقضاء على الفساد في الجيش، فإن جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية يعاني من تدني الأجور وعدم الاهتمام بفك الاشتباك. بكلمات أخرى، يكسب الجنرالات الغالبية العظمى من رواتبهم من خلال الامتيازات الاقتصادية المربحة والرشوة وعقود الأمن غير الرسمية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يعني أنه لا يوجد حافز كبير لتغيير السلوك ولا مصلحة عسكرية في إنهاء هذا الصراع.

• • •

في أواخر عام 2021، دخلت القوات الأوغندية جمهورية الكونغو الديمقراطية لمحاربة جماعة مسلحة، وهي جماعة القوات الديمقراطية المتحالفة المتمركزة في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية على الحدود مع رواندا، مما أدى إلى تجدد الاشتباكات الحدودية بين القوات الكونغولية والرواندية.

يمكن أن تتصاعد حدة التوترات إذا استمرت المناوشات الحدودية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، فقد يتبع ذلك إعلان رسمي للحرب. يمكن أن يحدث هذا أيضًا إذا شوهدت أسلحة ثقيلة أو معدات أو ضباط يرتدون الزي الرسمي يعبرون إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. علاوة على ذلك، يمكن أن تنغمس القوات الرواندية والأوغندية وبوروندي في معارك نارية داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يؤدي إلى مزيد من التوترات السياسية في حالة مقتل جنود من أي من هذه الدول، خاصة بعد أن عبر جندي من جمهورية الكونغو الديمقراطية الحدود إلى رواندا في يونيو الماضي وقُتل بعد إطلاق النار على الروانديين. ولاشك أن مثل هذه الأحداث هي شرارة لعمل عسكري أكبر.

• • •

أصبح لكينيا الآن، الزعيمة الإقليمية على أساس الحجم الاقتصادي والسكان، مصلحة سياسية في نتيجة مثل هذه النزاعات ومصلحة في الحد من الحرب بين أعضاء مجموعة دول شرق إفريقيا (منظمة تضم سبع دول؛ بوروندي وكينيا ورواندا وجنوب السودان وتنزانيا وأوغندا وجمهورية الكونغو). بدأت الحكومة الكينية بالفعل في استضافة المحادثات بين الأطراف المعنية، لكنها اعترضت على ضم حركة 23 مارس، وهي فاعل رئيسي في الصراع، مما يضر بفعالية هذه الدبلوماسية. كما وافقت مجموعة شرق إفريقيا على نشر قوة حفظ سلام بقيادة كينيا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن القوات البوروندية فقط هي التي تم نشرها حتى الآن. والنتائج الأولية أقل من واعدة، حيث يبدو أن القوات البوروندية تعمل بشكل أساسي على تعزيز مصالح بلادهم في المنطقة.

على صعيد الأطراف الدولية، تعد منطقة شرق الكونغو موطنا لمجموعة متنوعة من الموارد الطبيعية، بما في ذلك الذهب والماس والنفط والمعادن الثمينة الأخرى، ونظرًا لمواردها الوفيرة وحكمها الضعيف، فقد شهدت صراعًا ومنافسة خارجية على مواردها لعقود.

على سبيل المثال، زادت أنشطة الصين والجماعات المتطرفة في منطقة البحيرات العظمى الإفريقية. وقد يحاول الوكلاء الروس ترسيخ أنفسهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فكما رأينا في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، تفضل مجموعة فاجنر والمتعاقدون العسكريون الروس الآخرون مقايضة الامتيازات المعدنية بالعمل الأمني؛ ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تسريع العلاقة العسكرية المباشرة بين الدولة الروسية والدولة المضيفة لفاجنر.

يمكن أن يتكشف مثل هذا السيناريو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إما لدعم جمهورية الكونغو الديمقراطية أو رواندا أو أوغندا أو بوروندي في سياق عمليات كل دولة ضد الجهات المسلحة.

...

إجمالا، يعد الالتزام الدولي بعملية سلام طويلة الأمد وتقنين العلاقات الاقتصادية والسياسية والقانونية في جمهورية الكونغو الديمقراطية عناصر أساسية لمنع عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي على المدى الطويل في منطقة البحيرات العظمى.

يجب على كينيا وفرنسا والولايات المتحدة والأطراف المعنية الأخرى العمل على نزع فتيل هذه التوترات، لأنه يمكن أن يحدث تورط صيني أو روسي أو متطرف (الدولة الإسلامية) إذا استمر الوضع الراهن كما هو عليه.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved