واقعة مادونا

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 22 أكتوبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

قرر المسئولون عن إحدى سلاسل دور العرض السينمائى فى الولايات المتحدة الأمريكية حرمان النجمة الشهيرة مادونا من حضور العروض فيها ما لم تعتذر لهواة السينما عن قيامها بتحرير رسائل نصية على الموبايل أثناء حضورها عرض فيلم «12 عام من العبودية».

كان أحد الحاضرين فى العرض السينمائى طلب من مادونا الكف عن كتابة الرسائل، وهو ما اعتبره المسئولون عن العرض أمرا مزعجا بالنسبة لها، وبالنسبة للحاضرين.

هذا هو نص الواقعة التى بثتها وكالات الأنباء، وهى تدعو للتوقف أمام ما يحدث داخل قاعات العرض السينمائى لدينا، ويجعلنا ندرك الفارق الكبير لما يحدث فى حق مشاهد السينما على المستويين المادى والمعنوى، فقد أصبحت مشاهدة فيلم تجسد حالة معاناة كبيرة وبالتحديد داخل قاعات عرض وسط البلد نظرا لحالة الهرج والمرج، التى تحدث أثناء المشاهدة دون أدنى مستوى من الانضباط سواء من المشاهد أو من مسئولى دور العرض الذين يشاركون فى تلك الحالة بسكوتهم على ما يحدث.

نحن نرى مشهدا متكررا من حالة الفوضى التى ربما يعيشها الشارع من عدم احترام للآخرين واستغلال مفهوم الحرية بشكل خاطئ، فداخل القاعة نسمع دائما رنات الموبايل واستقبال مكالمات قد تلهيك قصصها عن التركيز فى الفيلم المعروض، وإذا طلبت من المتحدث ان يصمت تجده ينظر لك وكأنك أنت المخطئ.. وإذا استدعيت عامل السينما المسئول يتجاهلك أو ينظر لك بإيمائة توحى وكأنه يقول «وأنا مالى وأنا أعمل لك إيه».

ربما يكون هناك نوع آخر من الهرج والمرج واللامبالاة، وهى الأحاديث الجانبية ومناداة الأمهات لأطفالهم وأصوات المقرمشات والشيبسى ثم أصوات الصفير والتصفيق اللذين لا يتوقفا عند بعض المشاهد.. إذا أين متعة المشاهدة وخصوصيتها؟

فى واقعه مادونا لم يخش «تيم ليج» رئيس مجلس إدارة دور العرض الأمريكية نجمة كبيرة بحجمها، ولم يكن فرحا بمجرد حضورها إلى قاعته ولم يفرق فى مسألة الخروج عن السلوك السوى بين نجمة كبيرة ومواطن عادى، واتخذ قرارا فوريا قال فيه: «يحظر على مادونا مشاهدة الأفلام فى دورنا ما لم تعتذر لهواة السينما».. ثم يخرج ببيان آخر يقول فيه «تهدد سلسلة دور العرض من خلال موقعها الإلكترونى المخالفين لسياستها بالطرد دون أن تعاد إليهم نقودهم، حيث تعتمد دور العرض سياسة مشددة فيما يخص منع الكلام وكتابة الرسائل أثناء عرض الأفلام».

قد يرى البعض أن ما نقوله به شيئا من المثالية لأن بعض ما يعرض من أعمال سينمائية حاليا به الكثير من الاستخفاف، وربما تكون الأعمال المعروضة يناسبها هذا السلوك والعشوائية من تصرف بعض مريديها، لكن هذا المنطق مرفوض لأن قواعد انضباط المشاهدة واحدة فى كل مكان فى العالم والسلوك لا يتجزأ حتى لو كنا نعيش مرحلة استثنائية من الفوضى الاجتماعية والسينمائية.

نحن فى حاجة إلى إعادة ضبط المنظومة ككل، فسلوك المشاهد ينتج من شخصيته التى يشكلها هذا المجتمع بكل بمفرداته وثقافاته ومكتسباته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved