قبائل الأولتراس

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 22 أكتوبر 2015 - 9:55 ص بتوقيت القاهرة

•• ما زلت مهتما بفهم ما يجرى فى محيط جماعات الأولتراس، أو تلك القبائل الكروية الجديدة فى مصر، فهل هى مظاهر رفض للمجتمع، تساوى حركات رفض لمجتمعاتها ظهرت فى الستينيات من القرن العشرين، وتشكلت فى صورة جماعات ترفض بالفن، كما حدث فى مهرجان وود ستوك فى أمريكا، أو فى الملابس والمظهر العام للشخص كما حدث فى حركات «الهيبيز».

•• قبل 8 سنوات أصدرت الكاتبة الإيطالية إليزا دافيولى كتابا عن جماعة الاولتراس فى بلادها بعنوان «شرف المدافعين». وقد ظلت الكاتبة لفترة طويلة تحاول التعرف على مبادئ ومفاهيم وسلوك تلك الجماعات الإيطالية، بعد مصرع الشاب نيكولا توماسولى الذى يبلغ عمره 29 عاما، فى حادث شغب.. ووجدت إليزا دافيولى أنه من الصعب اختراق الجماعة، أو التعرف على سلوكهم ومبادئهم من جانب الغرباء لأنهم يشكلون عالما مغلقا فلا يتصلون بأحد، ولا يتصل بهم أحد.

•• لذلك ادعت دافيولى أنها واحدة منهم، ودخلت عالمهم، وبعد فترة أقنعت الجماعة بأنها بصدد كتابة الشعر عن أعضائها. وقامت الكاتبة الإيطالية بجولات فى مدن مثل نابولى وروما لمعايشة الأولتراس. واكتشفت أنها جماعة تضم مختلف الأعمار والثقافات والطبقات.. وأن الفرد فى الأولتراس يستمد قوته من الجماعة.. وأنهم لا يفرقون بين الرجل والمرأة. وكان أهم مبادئ الجماعة أنهم مستعدون للموت للدفاع عن حدودهم وعالمهم وفريقهم وهويتهم وأرضهم!

•• كنت أشرت مرات إلى عالم الاولتراس «ULTRAS»، وقلت إنهم جماعات أصبح لهم وجودهم منذ سنوات فى مدرجات كرة القدم بأمريكا الجنوبية وأوروبا، وظهروا لأول مرة فى إيطاليا فى مطلع الستينيات، وزاد وجودهم فى الملاعب فى فترة التسعينيات، وكانت أغانيهم وأهازيجهم جديدة على ملاعبنا، ومحركة للبهجة، وتملأ المدرجات بالصوت وبالحياة.. لكن الكاتبة الإيطالية دافيولى تقول من واقع تجربتها التى عاشتها معهم، أن مجموعات الأولتراس، هم شباب متنوع الثقافات، والمستويات، يردون على العنف بعنف أشد، وهى ترى أن هؤلاء أخطر من (الهوليجانز ) الذين إنتشروا فى ملاعب الكرة الإنجليزية والأوروبية، وهم يرفضون أساليب روابط المشجعين المثالية فى التشجيع ومساندة الفرق، ويرى هؤلاء أن المثالية ضعفا وأن الروح الرياضية خضوعا وخنوعا، وأن قوة الفرد فى القسوة، وأن عضو الجماعة عليه أن يفعل المستحيل لحماية ناديه، وأن يضحى بأى شىء فى سبيل ناديه.. وتتساءل الكاتبة: لكن علينا أن نفكر ونسأل أنفسنا ونسأل الجميع: ما هى حدود الفعل.. وما هى حدود التضحية؟.. انتهت رؤية الكاتبة الإيطالية إليزا دافيولى التى سجلتها فى كتابها شرف المدافعين.

•• ويبقى أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، هى حياة وصناعة، ومدرجاتها مسارح، ومبارياتها عروض فنية، والعنصرية تولد عنصرية مضادة، وأسوأ الخلافات وأخطرها تلك التى تتعرض للون وتلعب بالنار فى مدرج أو ملعب أو شارع.. ومنذ زمن طال، لم تواجه الكرة المصرية، ولم يواجه المجتمع حركات الأولتراس، ولم يحاول أن يفهمها بعمق، ولم يفهم أسباب الرفض، وهل هو فعلاً رفض؟.. وإذا كانوا يمثلون حركة رفض فلماذا يرفضون، ومن يرفضون ؟.. فما زلت أخشى من أخطار تجاهل تلك الجماعات وظواهرها وأفكارها، وبقدر ما نريدهم فى الملاعب نخشى مما نريده.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved