لماذا تسلب حرية إسراء الطويل وعمرو على والآخرين؟
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الخميس 22 أكتوبر 2015 - 9:15 ص
بتوقيت القاهرة
عزفنا عن المشاركة فى انتخابات برلمانية جردتها السلطوية من كامل المصداقية، وهى تراكم المظالم وتنتهك الحقوق والحريات وتميت السياسة وتمرر قوانينها البائسة وتؤسس لحكم الفرد وتعيد إنتاج جمهورية الخوف التى تديرها «المؤسسات والأجهزة» وتهيمن عليها طوائف من خدمة السلطان والمكارثيين ومزيفى الوعى الذين يجمعون بين الهيستيريا المغيبة للعقل ومحدودية الكفاءة ــ طيور ظلام المرحلة.
والآن، لننصرف عن اللامعقول الذى تروجه «الأذرع الإعلامية» لتبرير عزوفنا. ونبتعد أيضا عن محاولات بعض مزيفى الوعى إعادتنا إلى الإنصات إليهم، إن بممارسة شىء من النقد لحكم الفرد وكأنهم لم يتورطوا فى التأسيس له، أو باستخدام صياغات كموت السياسة والقوانين الاستثنائية وإبعاد المواطن عن الشأن العام وسلب حرية الكثير من الشباب لتوصيف الوضع الراهن فى مصر وكأنهم لم يسفهوا حديثنا عن موت السياسة منذ صيف 2013، ولم يدعموا القوانين الاستثنائية حين مررت من قانون التظاهر إلى قوانين الانتخابات، ولم يتعاملوا مع المواطنات والمواطنين جماعيا كقطيع يساق لا يحق له الحضور فى المجال العام إلا لتأييد السلطوية والتماهى مع إرادة الحاكم الفرد ولم يدافعوا عن سلب حرية الشباب والطلاب والكثيرين غيرهم بتخوينهم وتشويههم وإخافة الناس من التمسك برفض المظالم والانتهاكات عبر المقايضة الفاسدة إما الخبز والأمن وإما الحق والحرية.
دعونا نترك خدمة السلطان والمكارثيين، ومزيفى الوعى وشأنهم، فلا معقول المشهد الانتخابى الراهن هم أنتجوه مع السلطوية وهو لهم على نحو خالص، والبرلمان الذى يصنعونه الآن بمرشحى قوائم ومرشحين على المقاعد الفردية هو حصيلة موت السياسة وتغول «المؤسسات والأجهزة» وطغيان الأمنى على كل ما عداه، وهو أيضا بهويته «كظهير سياسى» للحاكم الفرد لهم دون منازعة.
لامعقول المشهد الانتخابى وتشوه البرلمان القادم هما لخدمة السلطان والمكارثيين، ومزيفى الوعى، وهما أيضا لصغار الراغبين فى بعض «العوائد البرلمانية» التى قد تسمح لهم بها السلطوية. هما بالقطع للسلفيين، الذين يعرضون دوما نظير حصولهم على بعض العوائد خدمات التوظيف الزائف للدين تارة ضد الثورة الديمقراطية ومع الحاكم الفرد قبل 2011، وتارة مع جماعة الإخوان لغزو الصناديق فى 2011 و2012، وثالثة مع الخروج على جميع الإجراءات الانتخابية والديمقراطية فى 2013، ورابعة اليوم فى سعى متهافت لإضفاء مظاهر تنافسية خادعة على مشهد انتخابى عبثى. وهما أيضا لأحزاب ومرشحى المال الانتخابى الذين توحشوا منذ صيف 2013 فى تبرير المظالم والانتهاكات وفى نزع الإنسانية عن ضحايا القمع وفض الاعتصامات الذين خرجت بياناتهم «مهللة» لسلب حريتهم بل لقتلهم وتصفيتهم، وفى التخلى عن كل مضامين شعارات الديمقراطية، التى وضعوها إلى جوار مسمياتهم المختلفة، وفى تزييف وعى القليلين، الذين تخاطبهم بادعاء أن «صراعهم الحقيقى ومعركتهم الانتخابية» هى مع السلفيين، بينما السلفيون وأحزاب المال الانتخابى ومنظروهم لا يختلفون أبدا فى دعم السلطوية وتأييد «المؤسسات والأجهزة» بل ويجمعهم الاعتياش البائس على حقائق التمييز على أساس الدين هنا بطائفية تنتقص من حقوق المواطنة للمصريين الأقباط وهناك بطائفية معكوسة تمتهن الانتماء الدينى للمصريين الأقباط باختزاله فى تفضيلات انتخابية.
دعونا نتركهم وشأنهم. فاللحظة الراهنة هى لحظة ممتدة لطرح قضايانا، ولاستعادة لغة الحقوق والحريات والعدالة الانتقالية التى تراجعت بقسوة خلال العامين الماضيين، ولنحت مساحات جديدة لنا فى المجال العام لا يستوعبها اللافعل أو الاكتفاء بالسخرية من رداءة السلطوية. اللحظة الراهنة هى لحظة ممتدة لتوثيق المظالم المستمرة للحقوق والحريات ــ أين عمرو على منسق حركة 6 ابريل ولماذا سلبت حريته ولماذا يتواصل سلب حريات كثيرين آخرين من إسراء الطويل إلى الضحايا الآخرين غير المعلومة أسماؤهم للرأى العام؟ اللحظة الراهنة هى لحظة ممتدة لتفكير المدافعين عن الديمقراطية فى سبل محددة لإخراج مصر من أزمتها واستعادة مسار تحول ديمقراطى حقيقى ينبغى أن يشارك به كل من لم يتورط فى الدماء والانتهاكات، وللتفكير فى حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التى تحاصر الوطن.
مصر أهم من أن نختزل دورنا فى السخرية من لامعقول مشهد انتخابى ومشاهد أخرى حتما ستتوالى، أو أن نكتفى بكشف رداءة السلطوية ونمتنع عن مقاومتها سلميا.