خطر إطاحة الدول النامية من عملية التقارب العالمية

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الجمعة 22 أكتوبر 2021 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الفاينانشيال تايمز مقالا للكاتب الاقتصادى محمد العريان يعرض فيه أخطار تجاهل تأثير تحديات الاقتصاد الكلى على الدول النامية.. نعرض منه ما يلى.
تتصاعد تحديات الاقتصاد الكلى حول العالم، بدءا من زيادة التضخم وصولا إلى النقص فى السلع والقوة العاملة. تأثير ذلك على الاقتصادات المتقدمة والصين كان محل جدل كبير، ولم تحظ الدول النامية إلا بقليل من الاهتمام.
هذا يذهب إلى ما هو أبعد من المدى القصير، عندما يقترن بقوى أخرى، فإن الدول النامية ستكون الأكثر تعرضا للإطاحة من عملية تحقيق التقارب العالمى، والتى اعتبرها الكثيرون فى الاقتصادات النامية والتمويل أمرا مسلما به.
يقوم المزيد من الاقتصاديين وصانعى السياسات باستيعاب الواقع الجديد المتمثل فى ارتفاع واستمرار معدلات التضخم، بعد أشهر من رفض هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة «مؤقتة».
نحن لم نعد نعيش فى عالم يعد ضعف الطلب الكلى فيه هو التحدى الرئيسى للاقتصاد الكلى. وبدلا من ذلك، يتسبب نقص العرض فى «عجز فى كل شيء».
كل هذا مع إضافة نقطتين، عدم اليقين المتعلق بالطاقة، والاحتكاكات فى سوق العمل من حيث تطابق العاملين مع فرص العمل (من حيث أن يكون صاحب العمل مدركا للقدرات التى يحتاجها فى العامل، وأن يحصل العامل على المعلومات الكافية عن فرص العمل)، يؤدى كل هذا إلى ارتفاع كل من التكلفة وتضخم الأسعار. لم يعد من الممكن افتراض أن الابتكار التكنولوجى سيؤدى باستمرار إلى خفض التكاليف وزيادة استجابة العرض. هذا هو الحال خاصة بالنظر إلى مشاكل سلسلة التوريد الحالية.
•••
التركيز على ما يعنيه كل هذا بالنسبة للاقتصادات المتقدمة والصين أمر مفهوم. فهم يستأثرون بالكثير من محركات نمو الاقتصاد العالمى وتدفقات رأس المال، وهم يحددون أولويات جداول الأعمال متعددة الأطراف. ومع ذلك، فإن الآثار المترتبة على الدول النامية المستوردة للسلع الأساسية بشكل عام، والاقتصادات ذات الدخل المنخفض على وجه الخصوص، لها تأثير أكبر بكثير.
إلى جانب التأثير الأوسع لـجائحة كورونا، فإن المشاكل الحالية تخاطر بإخراج العملية طويلة الأجل عن مسارها، حيث تتسلق المزيد من الدول سلم التنمية الاقتصادية بثبات، ساحبة المواطنين من الفقر، ومؤسّسة للمرونة المالية والمؤسسية.
مع تباطؤ النمو فى الصين والولايات المتحدة فى مواجهة رياح التضخم المصحوب بالركود التى تهب على الاقتصاد العالمى، تتزايد التحديات التى تواجه رفاهية هذه الدول وقدراتها المالية. وهذه الضغوط سببها أن نموذجهم الكلاسيكي ــ نموذج التصنيع القائم على التصدير، والذى يتطلب عمالة كثيفة ــ قد فقد فاعليته.
تواجه العديد من الاقتصادات النامية ــ نظرا لكونها مستوردا صافيا للغذاء ــ تكاليف استيراد أعلى تؤدى أيضًا إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائى. تهدد تكاليف الطاقة المرتفعة بأن تؤدى إلى انقطاع التيار الكهربائى الذى من شأنه أن يشل الإنتاج الصناعى.
من المحتمل أيضًا أن تكون الاقتصادات النامية فى الطرف المتلقى لاضطرابات الأسواق المالية. أدى السعى المتواصل فى البحث عن سياسات نقدية متساهلة فى الولايات المتحدة وأوروبا فى السنوات الأخيرة إلى دفع حجم كبير من رأس المال إلى العالم النامى بحثًا عن عائدات أعلى.
إذا استمر الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى فى حجب الحقائق عن التضخم، ثم الاضطرار لاحقًا إلى التشديد المفاجئ للسياسات، فمن المحتمل أن تزداد التدفقات إلى الخارج وأن ترتفع تكاليف رأس المال.
•••
ليس هناك حل سحرى وفورى للحد من هذه المخاطر، ولكن ما نحتاجه هو نهج متعدد المقاييس. يجب أن يتركز هذا على زيادة المعروض من لقاحات كورونا. وكما قالت جيتا جوبيناث، مديرة البحوث فى صندوق النقد الدولى الأسبوع الماضى، فإن 96 فى المائة من السكان فى الدول منخفضة الدخل لا يزالون غير محصنين.
كما ينبغى إجهاض مشكلات خدمة الديون المعوقة من خلال عمليات إعادة هيكلة مبكرة ومنظمة، والتى تتضمن تقاسم عادل للأعباء بين دائنى القطاع الخاص والعام. بالإضافة إلى ذلك، يجب زيادة تدفق التمويل بشروط ميسرة من المصادر المتعددة الأطراف.
مثل هذه الإجراءات يجب أن تقترن بجهود محلية موثوقة لإعادة تنشيط نماذج النمو المحلية فى الدول النامية وزيادة المرونة المالية الداخلية.
على الاقتصادات المتقدمة إدراك أن المشاكل فى العالم النامى ستؤثر عليها أيضا. وكلما زاد خطر إبعاد الدول النامية من عملية التقارب العالمى، زاد احتمال حدوث طفرات فى الهجرة وعدم استقرار مالى عالمى وتهديدات جيوسياسية.
هناك أيضا آثار على المستثمرين. النجاح فى الاستثمار فى الأسواق الناشئة أصبح لا يرتبط بركوب موجة السيولة العالمية باستخدام المنتجات السلبية، بل أصبح يتعين على المستثمرين العودة إلى التحليلات التفصيلية للائتمان، والهيكلة الذكية، والتسعير المناسب للسيولة ــ وبالنسبة للبعض، فهم مخاطر إعادة جدولة الديون.
وكلما تأخروا فى إجراء هذا التحول الأساسى، زاد احتمال تعرضهم لصدمة فى تعديلات المحافظ المالية التى تزيد من انتشار العدوى عبر الأسواق. وهذا من شأنه أيضًا أن يعقد مستقبل الازدهار العالمى والرفاهية الاجتماعية الليان تواجههما بالفعل الكثير من التحديات.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved