رسالة إلى زملاء لا يقرأون

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 22 نوفمبر 2014 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

ليست السطور القادمة لوما ولا تقريعا، ولا محاولة لإدعاء الحكمة بأثر رجعى، بل هى محاولة للتأمل ربما نستفيد مستقبلا.

هناك احتمال أن تتحسن العلاقات الرسمية بين الحكومتين المصرية والقطرية بعد بيان الملك عبدالله بن عبدالعزيز ورد البيان الرئاسى المصرى المرحب به.

لو حدثت المصالحة ــ وهذا ما نتمناه ــ فإن الإعلاميين المصريين الذين خاضوا فى أعراض الأسرة الحاكمة القطرية سيتوقفون فورا، والمتوقع أن ينطبق نفس الكلام على الإعلام القطرى.

السؤال: كيف سيكون شعور هؤلاء الشتامين حينما يتوقفون فجأة بعد أن سمموا كل الأجواء؟!.

من حق أى إعلامى مصرى وربما من واجبه أن ينتقد السياسة القطرية التى انحازت تماما لجماعة الإخوان وكل المتطرفين والإرهابيين، لكن الخوض فى أعراض الأشخاص خصوصا السيدات أمر يرفضه أى منطق سوى أو أخلاق أو شهامة أو فروسية.

العلاقات بين الحكومات ليست ثابتة، قد تكون اليوم فى أفضل حال، وغدا عكسه تماما، هى قائمة على المصالح ــ التى هى بطبيعتها متغيرة ــ ثم إنه فى المنطقة العربية يضاف عنصر مهم وهو مزاج الحكام وأهواؤهم، وتذكروا ماذا كان يفعل العقيد القذافى، الذى يهاجم مصر وحكامها هجوما مريرا مساء وفى الصباح التالى يلغى جوازات السفر ويكسر بوابة الحدود ببلدوزر يقوده بنفسه، وكان هذا السلوك يسبب إرباكا شديدا للصحفيين المصريين العاملين بصحف الحكومة!!.

وهناك نموذج بارز لهذا الأمر، حيث شن الصحفيون المصريون «الرسميون» هجوما حادا على الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات ــ رحمه الله ــ بعد حصاره فى بيروت وخروجه إلى تونس.

وبعدها بشهور عاد عرفات إلى طرابلس اللبنانية واشتبك مع ميليشيات محسوبة على الحكومة السورية، واضطر إلى الخروج مرة أخرى، لكن هذه المرة كانت بحرا إلى مصر عبر بورسعيد.

ويحكى أن عرفات قال يومها لرئيس تحرير صحيفة مصرية كبرى: «يا فلان سأخبرك بنصيحة لوجه الله، لا تكرر ما فعلته مرة ثانية وتسب وتلعن رئيسا أو مسئولا عربيا اختلف مع رئيس دولتك، نحن نختلف اليوم ونتصالح غدا».

عرفات ــ يرحمه الله ــ كان عالما ببواطن السياسة العربية، ولكن بعض الصحفيين العرب لا يزالون يجهلون حقائق هذه السياسة إضافة بالطبع إلى جهلهم لأصول المهنة والأهم لأخلاقياتها.

ما الذى يدفع صحفيا أن يدخل فى «وصلة ردح» مع هذا المسئول أو ذاك سواء كان مصريا أو عربيا أو أجنبيا؟.

لماذا لا يكتفى الإعلامى بنقد السياسات والأفكار وليس الأشخاص والعائلات؟.

لماذا لا يترك الإعلامى خط رجعة وعدم القطيعة الكاملة مع هذا السياسى أو ذاك؟!.

بالطبع هناك سؤال بديهى هو: وما هى وظيفة الإعلامى الأساسية؟!.

هل هى الصحافة أو السياسة؟!.

الطبيعى أن هناك صحفيا ينقل الخبر، وهناك المعلق أو كاتب المقال يكتب الرأى لكن فى إطار من المهنية والاحترام، وحتى إذا اختلف مع شخص أو حزب أو دولة أو رئيس فيكون ذلك فى إطار من القانون، لا يسب ولا يقذف ولا يخوض فى أعراض هذا أو تلك.

لكن فى الإعلام العربى الأمور دائما مقلوبة، غياب الأحزاب والقوى السياسية الحقيقية جعل الإعلام يحل محلها وصرنا نرى وضعا غريبا يصبح خلاله الصحفى أو مقدم البرامج أقوى من رئيس الحزب وأحيانا من الوزير، وصارت بعض الفضائيات أهم أحيانا من بعض الدول.

مرة أخرى نتمنى أن تكون الأزمة الأخيرة، درسا للجميع، بحيث يظل السياسى سياسيا والصحفى صحفيا، وأن تكون القاعدة الأساسية هى الاحترام، فإن لم نستطع فليكن القانون.. ه ل نحلم أم أن ذلك يمكن تطبيقه؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved