صحيفة الرياض ــ السعودية: الموسيقى علاج

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 22 نوفمبر 2022 - 6:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الرياض مقالا للكاتب محمد الحمزة تناول فيه الدور العلاجى للموسيقى بدءا من الحضارة الفرعونية حتى وقتنا الحالى.. نعرض من المقال ما يلى.
هناك دراسة طبية لمعرفة أثر الموسيقى الشرقية فى نشاط دماغ الإنسان وحالته المزاجية؛ الدراسة يقوم عليها فريق الباحثين من (وايل كورنيل للطب) فى قطر، مكوّن من علماء أعصاب وطلاب بكلية طب، حيث استعان فريق البحث بأداتين للتقييم: الأولى جهاز تخطيط كهربية الدماغ (EEG) لرصد نشاط الدماغ عند استجابته للموسيقى العربية، والثانية استبيانات نموذجية موحدة لتحديد الحالة العاطفية للمشاركين بالدراسة، كما استعين بمقطوعات موسيقية تجريبية على الناى والعود والقانون، حيث يعتمد العلاج بالموسيقى على مدى تأثر الجسد الإنسانى بالذبذبات الصوتية الصادرة عن الآلات الموسيقية المتنوعة، ويعتبر الطبيب الألمانى لانج لودك والفرنسى جاك جوست والكندرية تريز باجو من رواد استعمال الموسيقى فى الطب النفسى المعاصر.
هذا النوع من العلاج الذى يوصف أحيانا بأنه شبه طبى ليس ابتكارا غربيا خالصا، فمن المعروف أن أبناء الحضارات القديمة مارسوه، بل يمكن الوقوف عليه فى صور بعض طقوس العلاج التقليدية فى المجتمعات البدائية فى أفريقيا وآسيا والأمريكتين. ورصد علماء الآثار نشاطا موسيقيا ملحوظا فى الحضارة الفرعونية، تضمن علاجا لبعض المرضى، وفى بلاد اليونان اتفق الفلاسفة مثل فيثاغورس وأبقراط وأفلاطون وأرسطو، على قدرة الموسيقى على شفاء بعض الأمراض، وهو ما نقل أيضا عن فلاسفة الصين والهند، وأبناء الحضارات القديمة مارسوا هذا العلاج، ويمكن الوقوف عليه فى صور بعض طقوس العلاج التقليدية فى أفريقيا وآسيا.
وفى الحضارة العربية عالج الفيلسوف والطبيب يعقوب بن إسحق الكندى بعض الحالات المرضية بالألحان، ووصف تأثير النغمات على الجسد وإفرازاته، كما استخدمها الفيلسوف أبو نصر محمد الفارابى، وكان مما قال فى (كتاب الموسيقى الكبير): الإنسان إذا لحقه أسف أو رحمة أو غضب أو غير ذلك من الانفعالات صوّت أنحاء من الأصوات مختلفة، وأمثال هذه الأصوات والنغم إذا اسُتعملت ربما حصل عنها انفعال ما أو ازدياده، وربما زال الانفعال أو انتقص، وفى القرن العاشر الميلادى ظهرت رسائل إخوان الصفا؛ وفيها دراسة حول نغمات العود وتأثير كل نغمة على مزاج الإنسان، وذكر ابن سينا فى كتابه (القانون فى الطب) أهمية الموسيقى فى علاج بعض الأمراض النفسية والعقلية التى قد تصيب الإنسان، مثل الميلانخوليا ومرض قطرب، وتطرق داود الإنطاكى فى كتابه (التذكرة) إلى أهمية الموسيقى فى علاج الجنون والحميات الحارة، وفى علاج الاختلاج والارتعاش.
أثبتت التجارب الحديثة تأثير الموسيقى فى علاج بعض الأمراض؛ حيث استخدمت الموسيقى الهادئة لعلاج بعض الأمراض العصبية كالهيستريا والتهيج، كما خفضت ضغط الدم العالى، وحسنت أداء القلب، فى حين استخدمت الموسيقى السريعة والصاخبة لعلاج ضغط الدم المنخفض والاكتئاب النفسى، وبعض العلماء أجرى تجارب على النباتات؛ فوجدوا أن بعض الموسيقى التى تعزف بجوارها تعين على الإسراع بنموها، كما لوحظ أن بعض الأسماك تستجيب للموسيقى بشكل مذهل.
لذا.. من الجميل أن يخصص المرء جزءا من أوقاته لسماع الموسيقى الراقية، لما لها من مزايا وفوائد متعددة، فهى إضافة إلى دورها المساعد فى العلاجات النفسية والجسدية، تحسن طريقة العيش وتشجع على حب التجدد والذوق السليم، كما أنها تخفف من الضغط اليومى والهموم والأحزان، وتحسن مستوى الذكاء التفاعلى لدى الفرد من خلال تحفيز سرعة البديهة، فالموسيقى هى أقدر الفنون على خدمة الإنسان وتحسين علاقته بنفسه وبالآخرين، كما أنها قادرة على خدمة القضايا الإنسانية كالسلام والتقدم وغيرها، المهم هو أن نحسن الاختيار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved