مفيش فايدة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 23 يناير 2014 - 4:10 ص بتوقيت القاهرة

مساء الثلاثاء اتصل بى أحد الأصدقاء وهو ناصرى الهوى قائلا بسعادة وتهلل: أخيرا أصدر الإخوان بيان اعتذار للشعب. سعدت بدورى وقلت له إذن هناك أمل فى المستقبل.

انتهت المكالمة وقلبت فى المواقع الإلكترونية بحثا عن بيان الاعتذار حتى عثرت عليه. بحثت عن الاعتذار فى مقدمة البيان فلم أجد إلا جملا انشائية. وبعدها هجوم معتاد على الانقلاب والانقلابيين ثم حديث عن المؤامرة الدولية الكونية على مصر والإخوان.

فى منتصف البيان جملة تقول «واذا كان الجميع قد اخطأوا فلا نبرئ انفسنا من الخطأ الذى وقعنا فيه». اعتبرت هذه العبارة مقدمة ملتوية للاعتراف بالحقيقة. لكن المفاجأة ان الاعتذار الذى جاء فى بيان الإخوان الصادر بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة ٢٥ يناير تضمن اعتذارا عن نقطتين محددتين: النقطة الأولى ان الإخوان يعتذرون للشعب لأنهم أحسنوا الظن فى المجلس العسكرى والنقطة الثانية انهم يعتذرن لأنهم أحسنوا الظن فى عدالة القضاء.

هذا هو بيان اعتذار الإخوان ويالتالى يمكننى ان أخبركم وانا مرتاح الضمير ان الأمل فى أى تهدئة قريبة بعيد جدا جدا.

المعلومات التى يعرفها كثيرون تقول بوضوح ان ما جاء فى هذا البيان غير صحيح.

الإخوان لم يحسنوا الظن بالمجلس العسكرى أو الجيش اطلاقا. هم اقالوا المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان بطريقة مهينة بعد ٤٢ يوما فقط من تولى محمد مرسى السلطة. وقتها كانت كل دعايتهم تدور حول نقطة واحدة هى انه الرئيس الغضنفر الذى اذل الجيش وقياداته بل ان قوى مدنية ايدت خطوة مرسى وقتها باعتباره الرئيس المدنى المنتخب الذى اتى ما لم يؤت به الأوائل. بعدها وفى شهر ابريل حاول الجيش الإصلاح بين الإخوان ومرسى وبين جبهة الانقاذ ودعا إلى لقاء على غداء لكن الإخوان ألغوه بطريقة فجة. اذن لم يكن هناك حسن ظن بل انهم حاولوا اختراق الجيش اكثر من مرة وحاولوا الاتفاق مع بعض القادة من أجل ابعاد السيسى والذى حدث ببساطة انهم لم يفلحوا لأنهم حسبوا الحسبة خطأ. هم ادركوا منذ البداية انه لا توجد قوى سياسية منافسة لهم. وان المواجهة مع الجيش آتية لا ريب فيها ولذلك فكروا مثلا فى اقامة جيش شعبى دعا له القيادى فى الجماعة صلاح سلطان بحجة تحرير القدس وهى نفس الحجة التى استخدمها نظام الخمينى فى ايران لتأسيس الحرس الثورى الإيرانى ليكون قوة لمواجهة الجيش النظامى الذى كانوا يعتقدون انه موالٍ لبقايا نظام الشاه.

الإخوان لم يحسنوا الظن أيضا بعدالة القضاء وانه سيقتص للشهداء. والدليل الدامغ على ذلك هو الاعلان الدستورى الذى أصدروه فى ٢١ نوفمبر قبل الماضى وخلاصته انهم حصنوا سلطتهم ومؤسساتهم وعينوا نائبا عاما على مزاجهم فأى حسن ظن هذا الذى فعلوه مع القضاء؟!.

فى بيان الاعتذار الوهمى هناك كذبة كبيرة ان الشعب قاطع الاستفتاء على الدستور وحتى لا ندخل فى جدل فإما ان يقدموا أدلة قاطعة تثبت هذا التزوير أو أن يلتزموا الصمت وعليهم تذكر ان خصومهم يقولون حتى الآن ان أحمد شفيق هو الفائز بالانتخابات الرئاسية دون ان يقدموا دليلا دامغا.

قد يكون من طبائع السياسة ان يكذب الإخوان فى محاولة يائسة لتخدير القوى السياسية مرة أخرى واستغلالها كمطية للعودة إلى السلطة لكن ليس من حقهم الكذب على الشعب فى وقائع محددة خصوصا انهم يقولون لنا ان الكذب حرام ومنهى عنه فى كل الكتب السماوية.

لننسى الكذب قليلا ونعود إلى السياسة لنكتشف انه لا أمل يرجى فى الوقت الحالى من الإخوان طالما انهم يفكرون بهذه الطريقة. هم يعتقدون انهم سيعودون للسلطة قريبا ولا يتصورون ان قطاعات كثيرة فى الشعب لا تطيقهم وليس فقط الشرطة والجيش والقضاء والإعلام وغالبية الاحزاب والقوى السياسية. الأمل الوحيد ان يقدم الإخوان اعتذارا واضحا لا لبس فيه يقولون فيه انهم كانوا يريدون ابتلاع مصر وفشلوا وانهم جماعة من المسلمين وليسوا جماعة المسلمين وانهم حزب سياسى عادى وليسوا أكثر تميزا عن غيرهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved