الوقت الضائع

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 23 فبراير 2012 - 8:35 ص بتوقيت القاهرة

وكأن قدر مصر أن يظل بعض من أبنائها ضد التعلم من أخطاء الماضى حتى لو كان هذا الماضى قريبا. فقبل انتخابات مجلس الشعب انشغلت القوى السياسية الداعية إلى الدولة المدنية سواء كانت يسارا أو يمينا فى معارك إعلامية وهمية وفاعليات شعبية ضعيفة، فتركت الساحة للقوى الإسلامية الراشدة منها وغير الراشدة تنفرد بعقول وقلوب الناخبين الذين كانوا يبحثون أن مرشح يعطونه أصواتهم فى أول مشاركاتهم الانتخابية.


وجاءت نتيجة انتخابات مجلس الشعب صادمة للجميع يتساوى فى ذلك من حقق فوزا لم يكن يحلم به ومن منى بخسارة لم يكن يتصورها. والآن تكرر قوى الدولة المدنية نفس الخطأ وتبدد طاقتها وجهدها فى معارك وهمية، مع أن الواجب هو احتشاد هذه القوى وراء مرشح تراه الأقرب إلى أفكارها فتخوض إلى جانبه معركة الانتخابات التى لن تكون سهلة.

 

إن انشغال الأحزاب والقوى المدنية بقانون انتخابات الرئاسة والمادة 28 من الإعلان الدستورى هو إعادة إنتاج لمأساة انتخابات مجلس الشعب بكل تفاصيلها، غير أن الكارثة هذه المرة ستكون أكبر لأن الجائزة هى رئاسة الجمهورية.

 

ليس هذا فحسب بل إن إثارة الجدل حول سلامة قانون الانتخابات الرئاسية الصادر بمرسوم من المجلس العسكرى والدعوة إلى تعديله وقبله تعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى ينطوى على لغم خطير سيفجر الأوضاع فى مصر كلها لأنها تفتح الباب أمام احتمال تأجيل تسليم السلطة إلى رئيس مدنى منتخب فى 30 يونيو المقبل. فتعديل المادة 28 الإعلان الدستورى يحتاج إلى استفتاء وفق الرأى الراجح دستوريا. وتعديل قانون انتخابات الرئاسة يعيد القانون إلى المحكمة الدستورية لمراجعته، فهل ما يفصلنا عن 30 يونيو يكفى للقيام بهذا ثم انتخاب رئيس فى الموعد المحدد؟. الإجابة: لا.

 

إذن هل هناك ممن يرفعون لواء هذه الدعوة من هو مستعد للخروج إلى الناس وإعلان تحمله مسئولية تأخير تسليم السلطة وتأكيد براءة المجلس العسكرى من هذ التأخير؟ وهل لدى القوى السياسية والحزبية المطالبة بتعديل قانون انتخابات الرئاسة والإعلان الدستورى من الشجاعة ما يكفى لكى تخرج تعلن على الملأ ضرورة تأجيل نقل السلطة إلى حين تعديل القانون؟

 

إن المضى قدما فى العملية السياسية وفقا للبرنامج الزمنى القائم هو أفضل الخيارات وعلى الكثير من القوى السياسية والوطنية التركيز على معركة انتخابات الرئاسة والنزول إلى الناس فى القرى والعشوائيات لإقناعهم بالمرشح الأمثل حتى لا تتحول انتخابات الرئاسة إلى صفعة جديدة للجميع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved