صناعة البورنو المصرية

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 23 أبريل 2014 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

.. أضافت: أخذونى فى مكان زى الجبل ونزلونى وقلعونى هدومى بالعافية، وقطعوا لى البنطلون والشورت وكل واحد

حاول يعمل قلة أدب، وشاورت المجنى عليها إلى موضع الفرج.

بداية مثيرة أراهن بها على استدراج القارئ لوجبة إباحية ساخنة، لكن المؤلم أن هذه العبارات الركيكة الصادمة مادة صحفية، كتبها زميل، وراجعها زميل آخر أو أكثر، ثم هناك زميل كبير منحها إشارة الخلود، بالنشر على الإنترنت.

هناك ما هو جريمة مكتملة الأركان فى التقرير الذى نشره موقع اليوم السابع، بعنوان: بالفيديو..ضحية جديدة للاعتداء الجنسى الوحشى على الأطفال.

نعم بالفيديو، لكن الزملاء المسئولين عن النشر، حذفوا محتوى الشريط لاحقا، وبقى عار الأبد على الطفلة وأهلها، فالصورة مازالت منشورة بجوار اسمها الثلاثى واسم والدتها، مع تفاصيل مخزية من النوع السابق.ليست الحالة الوحيدة التى تتحول فيها صحافتنا إلى الإباحية الرخيصة، خلال الأسبوعين الأخيرين.

قبل أيام نشر محمد عبدالرحمن فى صحيفة الأخبار اللبنانية، تقريرا ينتهى عنوانه بعلامة استفهام: الصحافة المصرية نسيت أخلاق المهنة؟. كتب الزميل: تساقطت على رؤوس المشاهدين والقراء ثلاث مخالفات مهنية، أحدثها ما نشره موقع «الفجر» تحت عنوان: «ننشر فيديوهات الفضيحة الجنسية لمدرّب المحلّة مع ضحاياها كاملة».

المخالفة هنا مزدوجة كما تقول «الأخبار»، فالموقع «لم ينشر أى فيديو جنسى مع الخبر، لأن الهدف هو رفع عدد الزيارات، ودفع الموقع إلى مرتبة أعلى بموقع «أليكسا». كذلك، اكتفى الموقع بنشر مقاطع فيديو تظهر وجوه وأجزاء من أجساد بعض السيدات، من دون احترام خصوصية قضية أمام القضاء»... ومن دون احترام للقارئ، وللتعاقد المقدس معه، ومن دون التفكير فى مصالح المجتمع، ومن دون أن يكون الإنسان صحفيا من الأساس.

يشير تقرير «الأخبار» أيضا إلى نشر «الوطن» صورة طفلة، تعرّضت للاغتصاب من عشيق والدتها، «لتنهال على الجريدة الانتقادات وينطلق على تويتر هاشتاغ «# قاطعوا جريدة الوطن».

واضطرت المؤسسة إلى حذف الصورة والاعتذار، من دون إخبار القراء عن صاحب قرار النشر والعقوبة التى سيتعرّض لها».ومن دون عتاب المخطئ من الأصل، أو تلقى إنذار من نقابة الصحفيين أو مجلسها الأعلى، ومن دون اعتبار للمصائر الإنسانية التى تمزقت، طالما استمر التهافت على التوزيع الورقى، والصعود فى ترتيب أليكسا بأى ثمن.

المادة السادسة عشرة من «مجموعة القواعد الخاصة بأخلاق مهنة الصحافة» فى إسرائيل، تمنع تنشر أية معلومات تتعلق بالسجل الجنسى لمقدمة أو مقدم بلاغ حول جريمة جنسية، باستثناء معلومات عن علاقة شخصية سابقة مع المشكو فى حقه. ولا يجوز نشر اسم أو صورة من لم يبلغ 14 عاما، بشكل يمس سمعته وخصوصيته ورفاهه، إلا بموافقة الوالدين أو الوصى، أو وجود مصلحة عامة.

القوعد الإسرائيلية أقرها مجلس الصحافة هناك منذ 1996، وهو ليس مجلسا أعلى ولا حاجة، ويعدلها بشكل دورى كلما اقتضت الحاجة. وهى القواعد الوحيدة التى عثرت عليها فى منطقتنا، بعد أيام من البحث بمحرك جوجل، لأن ما يحكم نشر هذه الفضائح فى صحافتنا العربية ليس قواعد صحفية، بل قوانين لحماية الطفل والمرأة، أو قواعد تضعها المنظمات المعنية، ولا يحترمها أحد. أما القواعد التى يضعها ويتبعها الصحفيون، فلا يوجد.

«الصحافة المصرية نسيت أخلاق المهنة؟». نعم. ونسيت معها المهنة من الأصل، وكل متعلقاتها من مراعاة المصالح الوطنية، واحترام الإنسانية، والخوف من حساب الدنيا، أو خزى الآخرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved