البروباجندا لا تبنى دولة

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 23 أبريل 2015 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

هتيفة نظام الحكم الحالى يتلقفون كل ما يصدر عنه من كلمات رنانة وبيانات حماسية فينسجون منها إنجازات وهمية لا نلمس لها على أرض الواقع أثرا. والواضح أن هؤلاء الهتيفة من أشباه الإعلاميين وأنصاف السياسيين أدركوا الإشارة القادمة من قصر الحكم وهى أننا أمام نظام حكم يراهن على البروباجندا والدعاية من أجل تأسيس شرعية والحفاظ على شعبية استثنائية جاءت به إلى السلطة.
ولكل هؤلاء أقول إن البروباجندا وحدها لن تقيم الدولة التى نريدها ووعدنا بها نظام الحكم. فالحديث عن الانتخابات الشفافة النزيهة وحياد الحكومة فيها لا يعنى أى شىء مادامت هذه الحكومة تصر على قوانين انتخابات توافقت أغلب الأحزاب الرئيسية على رفضها أو التحفظ عليها فى أفضل الحالات. والحديث عن العدالة الاجتماعية لا يعنى أى شىء مادامت الحكومة تواصل دعم رجال الأعمال والأثرياء فتقدم لهم الأرض المجانية والرسوم الحمائية والمزايا الضريبية، فى حين لا تتردد فى رفع سعر الدولار وتقليص الدعم ليدفع الفقراء ومتوسطو الحال الثمن. والحديث عن المشروعات العملاقة من المليون فدان إلى المليون شقة، ومن آلاف الكيلومترات من طرق إلى العاصمة الجديدة دون وجود أى دراسات حقيقية لها يعنى أننا أمام خطة علاقات عامة وليست خطة تنمية حقيقية.
ولو كان نظام حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى جادا فى السعى لإقامة نظام سياسى ديمقراطى يضمن تداول وتقاسم سلمى للسلطة ويسمح بنمو الأحزاب وتطورها لاستجاب لمطالب الأحزاب الرئيسية بشأن القوانين الانتخابية بدلا من اللجوء إلى ألاعيب نظام مبارك والتشويش على الأحزاب الجاد بدعوة أشباه الأحزاب و«أكشاك السياسة» إلى الحوار الوهمى حول هذه القوانين الذى لم تأخذ منه الحكومة شيئا.
ولو كان نظام الحكم جادا فى بحثه عن العدالة الاجتماعية لاختار دعم المزارعين الذين باعوا محصول البطاطس هذا العام بسعر 30 قرشا للكيلو ودعم منتجى الدواجن والسماح للشعب بالاستفادة من تراجع الأسعار العالمية بدلا من دعم إمبراطور الحديد بأكثر من 400 جنيه فى الطن حتى لو كانت خزينة الدولة الفقيرة هى من ستتحمل أغلب هذه الرسوم باعتبار الدولة أكبر مستهلك للحديد فى ظل المشروعات الكبيرة التى يجرى الحديث عنها.
ولو كان جادا فى سعيه نحو إعادة بناء الاقتصاد بصورة حقيقية لأعلن منذ البداية رؤيته الاقتصادية وحدد أولوياتها بدلا من الاهتمام بالمؤتمرات الصحفية التى تشهد الإعلان عن مشروعات عملاقة أظهرت الأيام أنها غير قابلة للتطبيق وأن العائد منها لا يتجاوز «فلاش» كاميرات التصوير اثناء الإعلان عنها كما حدث فى مشروع المليون فدان ومعه المليون وحدة سكنية.
ولما كان ذلك كذلك، فإننا نعيد ما قلنا فى البداية «البروباجندا لا تبنى دولة» والإعلام ربما يستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت لكنه بالتأكيد لن يخدع هذا البعض كل الوقت وساعتها لن تكون العواقب فى صالح أحد. وإذا أصر نظام الحكم على هذا المنهج العقيم فلن يحقق من ورائه شيئا إلا إذا كان يعتبر مجرد الاستمرار فى السلطة إنجازا، وساعتها يصبح «سوء الظن من حسن الفطن» عند التعامل مع حكام مصر بعد 30 يونيو إذا كنا نريد لهذا البلد مستقبلا أفضل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved