سر نشاط النواب والأحزاب فى الاستفتاء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 23 أبريل 2019 - 10:45 م بتوقيت القاهرة

هل حدثت تغيرات ملموسة فى طريقة عمل القوى والأحزاب الداعمة خلال عملية التصويت فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التى جرت أيام السبت والأحد والإثنين الماضية؟!

أكتب هذا المقال بعد نهاية الاستفتاء مباشرة، وقبل إعلان النتيجة، أو معرفة نسب المشاركة، وبالتالى فأنا أتحدث عن نقاط فنية بحتة، ليس لها صلة بالجدل بين الكثيرين بشأن موافقتهم أو اعتراضهم على جوهر التعديلات المطروحة.

وإجابة السؤال الذى بدأت به، هى أن هناك تغيرا إلى حد ما فى طريقة عمل داعمى ومؤيدى المشاركة فى الاستفتاء.

فى الماضى كانت مسئولية الحشد والتعبئة والتنظيم عائمة سواء للمشاركة عموما، أو للتصويت بنعم. وأقصد بكلمة الماضى غالبية سنوات «الحزب الوطنى» سواء فى عهد أنور السادات أو حسنى مبارك.

لا أقيّم عمل المنظمين والداعمين والمؤيدين الآن، لكن أتناول طريقة عملهم، وما تغير فيها مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية منذ 2014.

فى هذا الاستفتاء صارت هناك مسئوليات محددة لكل شخص فى صفوف المؤيدين حتى يسهل تقييم جهدهم وقياسه بصورة عادلة.

كنت قد لاحظت أمرا مثل هذا فى اليوم الأول، وحينما قابلت عضوا بارزا بمجلس النواب بعد نهاية اليوم الثانى للاستفتاء داخل استراحة إحدى القنوات الفضائية بمدينة الإنتاج الإعلامى، وتحدثنا فى موضوعات كثيرة بشأن الاستحقاق الانتخابى، فقد عزز قناعتى بشأن ذلك، وقال لى إن كل نائب من الداعمين كان مسئولا عن قطاع محدد لحشد وتعبئة الناس للمشاركة، وهو الأمر الذى ينطبق على بقية الأحزاب أو الهيئات والمؤسسات الداعمة للمشاركة.

المهمة لم تكن الحشد من أجل التصويت بنعم، بل هى المشاركة بالأساس أولا، على اعتبار أن غالبية المصوتين سيقولون نعم، كما جرت العادة فى كل الاستفتاءات التى شهدتها مصر خصوصا منذ ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢.

فكرة المسئولية المحددة، تعنى أن كل نائب برلمانى من كتلة الأغلبية، سيكون مسئولا عن حشد أكبر عدد من مصوتى دائرته. وتعنى أن كل حزب سياسى مؤيد للتعديلات سيكون مسئولا أيضا عن تعبئة الناخبين فى منطقة معينة للمشاركة. ثم توسع الأمر بدخول رجال أعمال قدموا العديد من الخدمات لحض الناس على المشاركة فى إطار القانون.

طبعا لا يعنى كل ما سبق اختفاء الطريق التقليدية فى الحشد والتعبئة الموجودة منذ معرفة مصر للانتخابات بعد دستور 1923 الشهير. هذه الأساليب تتدرج من الإقناع العادى والفردى إلى تجهيز وسائل نقل لتسهيل وصول الناخبين إلى اللجان والمراكز الانتخابية، وصولا إلى الإغراءات بمختلف أنواعها والتى يعتبر بعضها قانونيا، وبعضها مخالفا وبينهما «أمور متشابهات!!».

النقطة الإيجابية فى هذا الاستفتاء وجود دعاية مكثفة، من أجل «الحشد الإيجابى» بمعنى حض الناس على المشاركة بغض النظر عن التصويت بنعم أم لا.

أحد المراقبين قال لى إن طريقة حشد الناس للمشاركة، تشبه فى أحد جوانبها ما كان يفعله الحزب الوطنى أو جماعة الإخوان، فى الانتخابات المختلفة حتى عام ٢٠١٢.

الجماعة كانت خبيرة فى طريقة «كراتين الزيت والسكر» تحت مسميات مختلفة معظمها دينى، لكنها قبل ذلك وبعده كانت تكلف أى عضو داخلها بالمسئولية عن إحضار عشرة أو عشرين ناخبا من غير أعضاء الجماعة، للتصويت للجماعة بكل الطرق، بما فيها المواد التموينية. لكنها للموضوعية لم تكن هى مخترعة الفكرة التى أسس لها بعض رجال الأعمال فى الحكومات المختلفة التى تعاقبت على حكم مصر، خصوصا بعد ثورة يوليو 1952.

هذه الطريقة انتقلت لاحقا إلى غالبية مرشحى الأحزاب المختلفة، خصوصا رجال الأعمال، سواء ترشحوا مستقلين أو تحت عباءة بعض الأحزاب، ثم تطور الأمر بصورة فادحة وفاضحة فى الانتخابات النيابية الأخيرة قبل ثلاث سنوات، حينما دخل المال السياسى بقوة محاولا شراء مقاعد بل وأحزاب، لكن هذه المحاولة جرت السيطرة عليها لاحقا وإفراغها من مضمونها، بصورة ناعمة حينا وخشنة أحيانا!!

السؤال إذا كانت الأحزاب والنواب قادرين على حشد الناخبين فى المشاركة فى الاستفتاء، فلماذا لا يجربون حشد الناس طوال الوقت للعمل السياسى الطبيعى، وللانشغال بهموم ومشاكل وقضايا وطنهم ومجتمعهم؟!!

ما الذى يمنعهم من ذلك؟! سؤال يستحق التفكير!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved