رائحة مزعجة قادمة من الغرب

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 23 مايو 2018 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

عندما تنشر ثلاثة من أهم وسائل الإعلام فى الغرب وأقواها تأثيرا 3 تقارير موسعة عن موضوع واحد خلال أقل من أسبوع، سيكون من الصعب على المرء اعتبار الأمر مجرد «توارد خواطر» بين القائمين على هذه المؤسسات أو «مصادفة» لا تشير إلى شيء، مهما كان المرء بعيدا عن الإيمان بنظرية «المؤامرة الصهيو أمريكية الكونية» التى تستهدف البلاد والعباد.

ففى أقل من أسبوع خرجت علينا وكالة رويترز للأنباء وصحيفتا نيويورك تايمز وول ستريت جورنال الأمريكيتان بتقارير عن النشاط الاقتصادى للجيش المصرى، تتناول هذا النشاط من مختلف الجوانب، وبخاصة تأثيره غير الإيجابى على تدفق الاستثمار الأجنبى إلى مصر بحسب زعم هذه التقارير، أو على المهام الأساسية للمصانع الحربية والمؤسسة العسكرية أو على الشركات المدنية المصرية فى مختلف المجالات ككل.

هذا التزامن الغريب فى اهتمام 3 وسائل إعلام عالمية كبرى بشأن هذا الملف المهم، يجب أن يكون جرس إنذار لكل من يهمه الأمر، فالصحيفتان الأمريكيتان ووكالة الأنباء البريطانية، وغيرها من وسائل الإعلام الغربية الكبرى لا تتحرك فى الفضاء، وإن كانت أيضا لا تتحرك وفقا لخطط ومؤامرات تتم حياكتها داخل أقبية مظلمة حيث يجتمع «مجلس إدارة العالم»، لكنها تتحرك إما لتعكس وتستبق توجهات معينة لدى دوائر صناعة القرار فى العواصم الكبرى، أو لتدفع صناعة القرار فى هذه العواصم نحو اتجاهات معينة تتفق مع ما تؤمن به هذه المؤسسات الإعلامية الكبرى وما تخضع له من قيم ومعايير، أو تخدم مصالح القوى السياسية والاجتماعية التى تمثلها أو تعبر عنها.

إذن نحن الآن فى مواجهة رائحة سيئة أو على الأقل غير مريحة تهب علينا من الغرب، ويمكن أن تكون بداية لرياح أقوى وأشد سوءا، إذا ما قررت دوائر صناعة القرار السياسى والاقتصادى فى القوى الغربية التى لا تبحث إلا عن مصالحها ومصالح شركاتها العملاقة، النيل من الجيش المصرى بدعوى أنه يمثل عقبة أمام تدفق استثماراتهم إلى مصر ويؤثر سلبا على حرية المنافسة الاقتصادية وينتقص من التزام مصر بقواعد التجارة الحرة والشفافية التى تفرضها الاتفاقيات الدولية التى وقعتها.

المشكلة أن هذا الاهتمام المفاجئ والمتزامن بالنشاط الاقتصادى للجيش يتجاهل التصريحات الواضحة والحاسمة للرئيس عبدالفتاح السيسى عن أن قيام الجيش ومؤسساته بدور اقتصادى فى القطاع المدنى كان «إجباريا وليس اختياريا» فرضته طبيعة المرحلة التى تمر بها مصر، وأنه لا نية على الإطلاق لمواصلة هذا الدور، بعد انتهاء مبررات وجوده. كما تتجاهل وسائل الإعلام الغربية حقيقة أن الجيش يمارس النشاط الاقتصادى بمفهوم «المظلة» أو «المنسق» أى أنه يستعين بالشركات المدنية فى تنفيذ الجزء الأكبر من هذا النشاط وهو ما يعنى أنه لا يؤثر على مساحات العمل المتاحة لهذه الشركات، وأن دوره يستهدف فقط ضمان سرعة الإنجاز وإزالة المعوقات التى تحول دون تنفيذ المشروعات والأعمال وفقا للجداول الزمنية المقررة.

وحسنا فعل اللواء محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربى عندما عقد لقاء مع الصحفيين قبل أيام وفنّد فيه مزاعم وسائل الإعلام الغربية، دون أن يشير إليها صراحة فأكد التزام شركات الإنتاج الحربى بكل قواعد الشفافية والمنافسة الملزمة للقطاع المدنى، وكذلك التزامها بدفع الضرائب والجمارك والتأمينات كما هو الحال بالنسبة لأى شركة مدنية.

أخيرا، على المسئولين فى الدولة الاستعداد لمواجهة حملة غربية غير بريئة تستهدف النشاط الاقتصادى، وربما غير الاقتصادى للجيش بمبررات واهية، تتجاهل كل الحقائق الواضحة التى تقول إن الجيش لا يمارس الاقتصاد بحثا عن أرباح ولا يزاحم القطاع المدنى فى هذا المجال وإنما يسعى فقط إلى مساندته ومساندة الدولة حتى تتجاوز المرحلة الصعبة التى تمر بها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved