اللاعبون.. بكرة النار

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأحد 23 يونيو 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

●● لم يتوقع إنسان أن يتظاهر شباب البرازيل وشعبها ضد كرة القدم، وضد تنظيم المونديال وتكلفته الباهظة. لم يتوقع إنسان أن يصب المتظاهرون أثناء بطولة كأس القارات، غضبهم على بيليه. ملك الكرة. وهو الملك الوحيد فى التاريخ الذى هتف له رئيس جمهورية حبا وتقديرا، حين خرج رئيس البرازيل إلى شرفة القصر الجمهورى عام 1970 وهتف: يحيا الملك. بعد فوز البرازيل بكأس العالم فى ذاك العام. هاجم المتظاهرون مليكهم بعدما قال: «هيا توقفوا. دعونا نشجع منتخب بلادنا.. دعونا ننسى الاضطرابات».

 

●● العالم مندهش. كيف يغض عشرات الآلاف من شباب البرازيل نظرهم عن منتخب بلادهم وهو يخوض بطولة رسمية؟ كيف يرفض هذا الشباب تنظيم المونديال؟.. الواقع أن المظاهرات كانت أيضا بسبب ارتفاع أسعار تذاكر وسائل النقل العام، وقد خفضتها الحكومة، لكن المظاهرات استمرت.. كيف يحدث ذلك والبرازيل فى كرة القدم تعتبر سلالة رياضية خاصة من المستحيل أن يشعر أحد نحوها بالكراهية. فتقاليدها لكرة القدم لا تنافس، فقد ظل منتخب البرازيل (سليساو) مهيمنا، لدرجة أنه إما أن يكون منتصرا، أو حائزا لانتصارات أخلاقية.. ماذا جرى؟ ماذا تغير؟ هل تحولت اهتمامات الشعوب عن كرة القدم التى وصلت لذروة شعبيتها فى القرن العشرين؟

 

●● هذه اللعبة عمرها أكثر من أربعة آلاف عام، وقد انتشرت فى القارت الخمس عبر الطلبة والجنود الإنجليز، ولكنها كانت هوسا فى قرون سابقة حتى إنه فى القرن السابع عشر مارس سكان العديد من جزر المحيط الهادى اللعبة مستخدمين ثمار جوز الهند والبرتقال ككرات، ولعب سكان الاسكيمو كرة القدم على الجليد وكانت الكرات محشوة بالعشب وشعر الغزلان.. هل تخفت شعبية اللعبة فى القرن الحادى والعشرين أمام موجات الرفض التى تنتشر بين شباب العالم بعد عصور من القيود والقوانين والنظام؟!

 

●●●●

 

●● كتب صحفى فرنسى فى الفيجارو عن كرة القدم فى يوم من الايام، وقال إن مبارياتها تشبه عمليات المواجهة بين الجموع. فعندما تهاجم جماعة، جماعة أخرى بالعنف، يكون الرد بعنف.. ونحن فى مصر لا نلعب مباراة، ومن اسف أن أطراف اللعبة السياسية يظنون أنهم يلعبون مباراة. لكنه لعب بكرة نار.. لكنها حرب تمضى فى طريق مصارعة المجالدين القديمة فى الكوليزيوم، يفوز فيها من يبقى على قيد الحياة. هكذا يظن اللاعبون. وكنت أتمنى من رئيس الوزراء هشام قنديل أن يحدد بوضوح الأطراف التى تهدد بالعنف وهو يعبر عن قلقه بسبب ذلك. ومن اسف أكثر أن التهديد بالعنف يخرج من جميع اللاعبين، إلا أن التهديد بالقتل والاغتيال بالسيف والحربة، وبالمدفع وبالسكين، كان مشهودا على الهواء. ولم يشهده رئيس الوزراء.

 

●● عندما تنتهى مباراتكم يا من تلعبون بكرة النار، ويا من يرفضكم الملايين والأغلبية من شعب مصر. عندما تنتهى مباراتكم سوف تقفون، فى الطرفين، على جثث وضحايا وأطلال وخراب.. ولن يرحمكم التاريخ، سوف يسجل اسم كل واحد فيكم باعتباره شريكا فى أكبر جريمة عرفتها الأمة المصرية منذ آلاف السنين.. لن يرحمكم التاريخ ولن يرحمكم من فى السماء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved