أين نحن من العالم؟

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 23 يونيو 2020 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

كشفت أزمة فيروس «كوفيد ــ 19» أن النخبة المصرية لا تزال تواجه مشكلات عديدة، وهى ملاحظة ليست جديدة، إذ إن هناك العشرات من المقالات والدراسات التى تتحدث عن أزمة النخبة، ليس الآن، ولكن منذ عقود. ولكن فى هذه الازمة ظهر واضحا أن النخبة تعانى من الانغماس المفرط فى الشأن المحلى، وضعف التواصل مع العالم الخارجى. وبالتالى لم يظهر لهذه النخبة، على اختلاف تخصصاتها اسهامات جادة فى الجدل الدائر على الصعيد العالمى، سواء فى مقالات منشورة فى منابر عالمية، أو مشاركات ذات بال فى الجدل على الفضاء الالكترونى دوليا والذى شاركت فيه النخب المثقفة والأكاديمية والسياسية شرقا وغربا، بكثافة، وتنوع. بالطبع عندما نتحدث عن النخبة المصرية، فإننا نتطلع إلى الجماعات ذات التأثير فى الأوساط السياسية والأكاديمية والثقافية، وليس إلى النخب العلمية من المصريين فى الخارج، وكثير منهم له اسهام مهم.
بالمناسبة فإن الانغماس فى الشأن المحلى ليس عيبا، ولا مستهجنا، من المفروض أن تبحث النخب دائما عما ينهض المجتمع، بل قد يصبح من قبيل العيب، وربما ضعف الوطنية حين تغفل النخب مشكلات واقعها المحلى، ومعاناة مواطنيها، ولكن المشكلة تحدث حين يغيب الأفق الدولى عن إدراك النخب، وتصبح أسيرة الواقع المحلى، لا تستطيع أن تبرحه، ويصير إدراكها للأمور محدودا، وبالتالى انتاجها بائسا.
العالم يتغير، ولن يعود كما كان قبل أزمة فيروس كورونا، ومن الطبيعى أن تتأثر المجتمعات فى مناح متعددة، وهنا يأتى دور النخبة فى تقديم رؤى حقيقة للتعامل مع الواقع الجديد الذى يتشكل فى الأفق. هناك جهود من جانب البعض فى سبيل تحقيق ذلك سواء عبر مراكز عامة أو خاصة، ولكنها ــ حتى الآنــ محدودة، ولم تشتبك مع الجدل العالمى، ويظهر للنخبة المصرية اسهاما فى قضية عالمية تهم الكون بأسره. وقد اسهمت الحرب ضد الإرهاب، والاضطراب فى المنطقة العربية خاص فى ليبيا، ومشكلة سد النهضة إلى تعزيز الاتجاه نحو الداخل، أى الانكفاء أكثر فأكثر على المحلية، دون إدراك للتفاعلات العالمية.
العالم يتغير، ونحن جزء من العالم، لا يجب أن نشاهد التغيرات، دون أن نصبح طرفا فيها. هناك مراجعات فى الاقتصاد، والتعليم، وأساليب الحياة فى المجتمع، وطال التغيير ممارسة الطقوس الدينية، أين نحن من كل هذا؟ بالتأكيد المجتمعات الغربية لديها حيوية المراجعة المستمرة لأوضاعها فى شتى المجالات، لكن نحن أيضا نحتاج إلى التفكير بجدية فيما يحدث حولنا، ولا ننتظر الأفكار التى تهب علينا من الخارج، بل نكون أصحاب رؤى حتى نرى أنفسنا جزءا من العالم، ولسنا معزولين عنه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved