انتخابات المناطق الفرنسية.. صدمة لماكرون وخيبة للوبن

مواقع عربية
مواقع عربية

آخر تحديث: الأربعاء 23 يونيو 2021 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع 180 مقالا للكاتب بشارة غانم البون، تناول فيه ما خرجت به النتائج الأولية لانتخابات مجالس المناطق والأقاليم فى فرنسا، وما هى أبرز العوامل التى ستحدد النتائج النهائية لانتخابات الدورة الثانية الأحد المقبل.. جاء فيه ما يلى.
ما هى النتائج الأولية للدورة الأولى لانتخابات مجالس المناطق والأقاليم فى فرنسا، وكيف تبدو صورة الوضع السياسى الداخلى قبل الدورة الثانية يوم الأحد المقبل فى 27 يونيو الحالى؟
بعد أقل من 24 ساعة على إقفال صناديق الاقتراع فى فرنسا لانتخابات مجالس المناطق والأقاليم، بدأت تظهر المؤشرات الأولية التى ستطبع الحياة السياسية الداخلية الفرنسية فى الأشهر المقبلة، وذلك فى حال تأكدت فى الدورة الثانية النتائج التى أتت بها الدورة الأولى.
•••
وقد خرجت انتخابات الأحد الماضى بسلسلة معطيات لم تخلُ من عنصر المفاجأة.
أولا، أدنى نسبة تاريخية فى التصويت
سجلت الدورة الأولى نسبة انكفاء قياسية عن صناديق الاقتراع، وبلغت نسبة الامتناع عن التصويت 67.6 فى المائة. وجاء تنظيم هذه الانتخابات، التى أرجئت ثلاثة أشهر بسبب الأزمة الوبائية، فى وقت لا يزال فيه فيروس كورونا يودى بحياة العديد من الفرنسيين/ات.
وإذا كانت الإجراءات الصحية منعت الأحزاب السياسية من خوض حملات انتخابية تحضيرية كالمعتاد، كان لافتا للانتباه أن التراجع الكبير فى الإقبال على التصويت تزامن مع انتهاء أشهر من القيود الصارمة على الحريات المدنية بسبب جائحة كورونا وفى ظل طقس مشمس شجّع الفرنسيين على الاستفادة منه على حساب صناديق الاقتراع!.
ثانيا، فشل ذريع لحزب ماكرون
شكلت نتائج الدورة الأولى، بنظر معظم المراقبين، «صدمة كبيرة» للأكثرية الحاكمة المتمثلة بحزب «الجمهورية إلى الأمام» الذى أسّسه الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك بسبب فشله الذريع فى الحصول على التأييد الشعبى لطروحاته ونسب التصويت الضئيلة التى نالها وعجزه عن تسجيل أى فوز فى أى منطقة فرنسية.
ويبدو أن حزب ماكرون قد دفع فى هذه الانتخابات ثمن حداثة عمره وقلة تمرسه السياسى، ذلك أنه لم يتمكن من ترسيخ سمعته فى الحياة الفرنسية العامة على عكس ما يتمتع به اليمين الوسط الجمهورى من حضور عمره عدة عقود من الزمن. ومن أسباب تعثره أيضا ازدياد حدة التململ الشعبى والانتقادات التى يواجهها ماكرون نتيجة سياساته الاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية طوال أربعة أعوام.
والأصعب من ذلك أيضا أن محاولة ماكرون إبعاد بعض كبار الشخصيات اليمينية المعتدلة عن طريق ترشحه مجددا للانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من سنة، باءت بالفشل.
وأبلغ مثل على ذلك المعركة الانتخابية المفتعلة فى منطقة «هوت دو فرانس»، فقد طلب الرئيس الفرنسى من خمسة من وزرائه، وفى مقدمتهم وزير العدل إيريك دوبون موريتى الترشح فى هذه المنطقة بالذات بهدف إسقاط رئيسها الوزير السابق كزافيه برتران، وبالتالى حرق فرصته فى الترشح للانتخابات الرئاسية، خصوصا أن برتران يعد من أبرز الوجوه اليمينية المعتدلة والوسطية القوية والمؤهلة لخوض المعركة الرئاسية المقبلة.
وستكون لهذه الهزيمة المحلية والإقليمية لماكرون أبعادها السياسية على المستوى الوطنى فى الفترة المقبلة. وفى المقابل، عزّز برتران مكانته وموقعه قبل خوض غمار رئاسيات 2022.
ثالثا، تراجع مفاجئ لليمين المتطرف
على عكس توقعات واستطلاعات رأى عديدة، جاءت نتائج الدورة الأولى «مخيبة» لآمال رئيسة حزب «التجمع الوطنى» اليمينى المتطرف مارين لوبن. فقد سجلت النتائج تراجعا ملحوظا فى التأييد الشعبى للحزب الذى فقد فرص وصوله إلى رئاسة عدد من المناطق باستثناء ربما منطقة واحدة هى «بروفانس ألب كوت دازور» فى الجنوب الفرنسى.
وحاولت لوبن إخفاء مشاعر الحرج والإحباط وتعليل التراجع بضعف نسبة الاقتراع متهمة حكومة جان كاستكس بعدم تخصيص مساحات إعلامية وترويجية كبيرة للمرشحين لكى يشرحوا برامجهم الانتخابية، ووجهت لوبن نداءً إلى مناصريها لحثهم على التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع الأحد المقبل قائلة لهم: «الانتخاب ليس حقا فقط بل هو واجب. عدم التصويت يعنى عدم معاقبتهم (تقصد رؤساء الأقاليم الحاليين) بل تركهم فى أماكنهم لست سنوات أخرى». وتابعت «ارفعوا الحجر الصحى عن أفكاركم.. واذهبوا بكثافة إلى مكاتب التصويت لتغيير الكفة»!.
ويبدو أن الجهود المضنية التى بذلتها لوبن لتحسين صورة حزبها باتباع نهج أقل حدة بالنسبة للسياسات الشعبوية حيال مواضيع الهجرة والأمن لم تلقَ التجاوب الشعبى المطلوب.
رابعا، يمين الوسط المعتدل يُعزّز مكانته
تمكن حزب «الجمهوريون» (يمين وسط معتدل) من تعزيز أوراقه، بدليل أن رؤساء المناطق والأقاليم المنتمين إلى هذا التيار اليمينى التقليدى نجحوا فى تعزيز نفوذهم وتحصين مواقعهم والدفاع عنها والاحتفاظ بها برغم الهجوم المزدوج الذى تعرضوا له من أنصار ماكرون ومحازبى لوبن.
ووصف كريستيان جاكوب رئيس حزب «الجمهوريون»، هزيمة الأغلبية الرئاسية بأنها «أسوأ هزيمة يحققها حزب فى السلطة».
ومن شأن هذا التقدم إعطاء دفع مهم لهذا الحزب فى إطار الاستعداد للانتخابات الرئاسية وتقديم مرشح له حظوظ جدية فى منافسة ماكرون.
خامسا، محافظة اليسار وأنصار البيئة على مواقعهم
برغم تراجع الحزب الاشتراكى المستمر منذ عدة أعوام على المستوى الوطنى إلا أنه تمكن من المحافظة على مراكزه على الصعيد المناطقى والإقليمى، بينما أحرز أنصار البيئة ــ حزب الخضر ــ تقدما ملموسا يساهم فى تدعيم وجودهم الانتخابى وتشكيلهم قوة سياسية فاعلة فى قلب اليسار الفرنسى.
•••
أما النتائج النهائية فى الدورة الثانية المقررة الأحد المقبل، فتبقى رهن عوامل عديدة أبرزها: ارتفاع نسبة المقترعين/ات؛ التحالفات السياسية بين الدورتين (القانون الانتخابى لحظ إمكان دمج اللوائح بين الدورتين من خلال قيام تحالفات جديدة إضافة إلى إقصاء كل لائحة لم تنل عشرة بالمئة من أصوات المقترعين/ات فى الدورة الأولى)؛ تجيير أصوات الاعتدال اليمينى واليسارى لمصلحة اللوائح المنافسة لحزب لوبن بهدف تكوين «جبهة وطنية» فى مواجهة محاولة وصول اليمين المتطرف إلى رئاسة هذه المنطقة أو تلك.
الأكيد أن هذه الانتخابات، مع كل ما تحمله من مفاجآت، ستترك بصمة واضحة على مسار الحياة السياسية الداخلية الفرنسية خصوصا فى ضوء الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة فى مايو 2022.
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved