الاستقواء بالأجنبي

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 24 يونيو 2021 - 10:49 ص بتوقيت القاهرة

السيد وزير النقل كامل الوزير هدد العاملين فى هيئة السكة الحديد بالتعاقد مع شركات أجنبية لإدارة وتشغيل الهيئة فى حالة استمرار التخاذل والتكاسل من جانب العاملين. هذا التهديد جاء ضمن بيان من جانب الوزير تعليقا على استمرار حوادث القطارات رغم إنفاق مليارات الجنيهات على السكك الحديدية وزيادة أسعار التذاكر.
وقال الوزير «فى حالة استمرار هذا التكاسل والتخاذل سيتم الاستعانة بالشركات الأجنبية المتعاونة مع وزارة النقل فى مجال السكك الحديدية لإدارة وتشغيل خطوط هذا المرفق الحيوى الهام»، مضيفا أنه لم يجد «تعاونا كافيا من قيادات وموظفى السكك الحديدية منذ توليه مهمة حقيبة النقل، رغم تقديم جميع أنواع الدعم لهم للعمل على النهوض بهيئة السكة الحديد».
فى رأيى المتواضع أن هذه التصريحات لا تحل المشكلة. فالحديث عن الاستعانة بالشركات الأجنبية لإدارة السكة الحديد لمواجهة تكاسل وتخاذل الموظفين ينطوى على تشكيك غير مقبول فى قدرة الإنسان المصرى على الإدارة الحازمة، رغم استعانة الدولة فى أغلب مرافقها بقيادات من خارج تلك الهيئات بهدف توفير أقصى درجات الحزم والسيطرة عليها.
كما أن الشركات الأجنبية فى حال التعاقد معها لن تأتى بموظفين وعمال أجانب لتشغيل السكة الحديد. فهذا لم يحدث فى أى شركة أو مؤسسة تم بيعها أو إسناد إدارتها إلى الأجانب. فأغلب تلك الشركات والمؤسسات ظلت تعمل بأطقمها من المصريين، مع إضافة عناصر أجنبية محدودة للغاية.
كما أنه لا يصح أن يتحدث وزير نقل مصر عن الحاجة إلى الاستعانة بالأجانب لتشغيل مرفق السكة الحديد الذى كانت مصر ثانى دولة تقوم بتشغيله فى العالم. فهل يحتاج الموظف المصرى فى السكة الحديد إلى «السيد الأجنبى» لكى يعمل بدون تكاسل ولا تخاذل؟.
المشكلة أن الوزير لا يجد عقب كل حادث من حوادث السكة الحديد المتكررة منذ توليه المسئولية إلا الحديث عن أنه «لا مكان لأى متقاعس أو فاسد أو مهمل يتسبب فى حوادث تزهق أرواح المواطنين وتتسبب فى ضياع أموال الشعب المصرى»، وأنه لن «يسمح بوجود عناصر تعوق وتعرقل عمليات التطوير وتؤثر على معنويات من يقومون بعمليات الإصلاح والتطوير لصالح الشعب المصرى ولخدمته».
وبعد كل تصريح من هذا النوع يخرج إعلاميون ومسئولون ونواب للحديث عن ضرورة تسهيل فصل الموظفين والتنكيل بهم باعتبارهم السبب فى الكارثة، حتى قبل أى تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية للكارثة وهل فعلا كانت ناجمة عن فعل متعمد من جانب أحد الموظفين أو عن خطأ بشرى، أو بسبب قصور فى الإمكانيات ونقص فى التجهيزات أو حتى بسبب أوامر شفهية خطأ مثل تعطيل أنظمة التحكم الآلى فى سرعة القطارات قبل حادث قطار سوهاج.
أخيرا التطوير ومنع تكرار الحوادث والأخطاء يحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد التهديد باستقدام الأجانب لكى يتولوا تشغيل المصريين فى أى هيئة أو قطاع، كما يحتاج إلى ما هو أكثر من الكلام المتكرر عن «العناصر المندسة والمتقاعسين وكارهى الوطن»، فالتطوير والإصلاح يحتاج إلى قيادات مستعدة لتحمل المسئولية الكاملة وإلى سلطات قادرة على المحاسبة والمراقبة لكى يقوم كل فرد بما يجب عليه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved