لا معقولية الإجازة

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: السبت 23 يوليه 2022 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

بعد أن مرت الأعياد بسلام.. كل عام والجميع بخير ومصر بخير. يتساءل العقلاء لماذا هذه الإجازات الطويلة وما هو المبرر؟ هل يعقل ونحن شعب يستدين قمحه وغذاءه فى ظل أزمة اقتصادية عالمية طاحنة ومع ذلك نحن فى مصر نؤجز 20 يوما فى خلال سبعين يوما تتعطل فيها المصالح الحكومية والبنوك والشركات وتتوقف الحياة وتتعطل مصالح المواطنين.. هل يعقل ذلك؟
وعلى سبيل المثال لا الحصر كان القطاع المصرفى فى الماضى يعمل فى ثالث يوم العيد فلا يجوز قطاع حيوى مثل ذلك يعلق العمل كل هذه المدة خاصة إنه يتعامل مع دول العالم الخارجى فتتوقف مصالح الناس ليس كل شىء هو ماكينة الصراف الآلى ATM حتى يسحب المواطنون من مالها ولكن المواطنين يحتاجون إلى معاملات تمس تجارتها ومصانعها وما إلى ذلك... هل يعقل ذلك؟
أن الإجازات التى يحصل عليها الموظف المصرى تزيد عن أى دولة أخرى، وتقريبا ثلث العام عبارة عن إجازات لعطلات أسبوعية أو رسمية فى مواسم وأعياد، وهو أمر مقلق، لكن اعتاده المصريون خاصة أنهم يرون الإجازات ميزة نسبية فى حد ذاتها، حتى لو كانت تضيع فى نوم اليقظة أو الجلوس أمام التلفزيون.
نحن شعب يستدين ليواصل الحياة ورئيس الدولة الذى هو ذاته يعمل حتى فى الإجازة الأسبوعية ويلف على المشروعات والطرق وما إلى ذلك ويكرر تقريبا فى كل خطاباته ضرورة العمل وشد السواعد والعرق حتى نبنى الجمهورية الجديدة والحكومة تعطى إجازات على الطالع والنازل....هل هذا معقول؟
ما رأى المؤسسات الدولية والمحلية الدائنة ومنظرنا أمام العالم فى جملة هذه الإجازات التى لا تنتهى بل أصبحت موضوع انتقاد العامة رغم حب المصريين للإجازات للالتقاء العائلى. إلا ان الدائن ما حب عليه أن يسلفنا وتتركب علينا الفوائد ثم تصرخ الحكومة وتعاير شعبها أنه كثير الإنجاب... هل هذا معقول؟؟؟
إعطاء الإجازة يوم الخميس بدلا من الإجازات التى تقع فى وسط الأسبوع ليس قرارا مناسبا إلا للقلة القليلة الذين يذهبون إلى الشواطئ صيفا والمشاتى شتاء لابد من إيجاد طريقة أخرى أكثر مناسبة لواقعنا المصرى وأظن إنه حان الوقت لمراجعة قائمة الإجازات وإلغاء الإجازة لبعض الأعياد التى مع فعل الزمن أصبحت قديمة يمكن معايدتها بطريقة أخرى وليس إعطاء إجازة يتعطل فيها العمل والتى غالبا المؤجزون لا يعرفون أو يتذكرون تاريخ وسبب هذه الإجازة.... هل هذا معقول؟
ونحن نعرف جيدا ان الدول المتقدمة، كيف تسعى جاهدة إلى تأسيس بنية صناعية ضخمة، لتحقق من خلالها الرفاهية الحقيقية لشعوبها من خلال رفع مستواها الاقتصادى والاجتماعى، وتطوير مهاراتهم وتعليمهم بصورة تكفل لهم حياة أفضل، ولا تجد طريقا واضحا لتحقيق هذه الرؤية إلا من خلال العمل والسعى الجاد له، بعدد ساعات منتظمة يوميا وجودة تضمن تنافسية قوية للمنتجات والصناعات التى تقدمها للعالم، وبهذه الطريقة تتقدم وتحافظ على مكانتها وقدرتها فى الأسواق العالمية. فلنأخذ دول مثل ألمانيا وبريطانيا وغيرها التى نفضت من عليها ركام الحرب العالمية الثانية والآن أصبحت دول أكثر من متقدمة بسبب العمل المضنى والجاد والمسئول لشعبها.
الشعب الذى لا يملك قوته لا يملك قراره ــ مقولة قالها كُثر من الزعماء السياسيين والمفكرين والشعب الذى لا يعمل ويصنع ويجنى بسواعده سيظل دائما يستورد أغلب احتياجاته ولن يكون صاحب قراره والأزمة الحالية التى لا ناقة لنا فيها ولا جمل برهنت على ذلك.

الأب / رفيق جريش

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved