تنظيم العمل فى المستشفيات الجامعية

سامح مرقص
سامح مرقص

آخر تحديث: الأحد 23 ديسمبر 2018 - 11:40 م بتوقيت القاهرة

أتابع باهتمام المناقشات الدائرة فى الإعلام المصرى ووسائل التواصل الإلكترونية التى بها رفض انفعالى من أعضاء هيئات التدريس بكليات الطب لقانون 19 لعام 2018 الذى أقره مجلس النواب بشأن تنظيم العمل فى المستشفيات الجامعية.
هذا التعليق لن يناقش تفاصيل القانون الجديد حيث لا أمتلك المعرفة الكاملة بكل تفاصيله ولكن أعتقد اعتقادا أكيدا أنه من الواجب تجديد النظام الإدارى للمستشفيات الجامعية وتقنين أوضاع الأساتذة وكل أعضاء التدريس بالنسبة لمسئولياتهم الكلينيكية، والبحثية والتعليمية والإدارية. الأوضاع الحالية لا يجب أن تستمر إذا أردنا بجدية تحسين مستوى التعليم الطبى، الخدمات الكلينيكية وتقديم أبحاث علميه ذات قيمه دولية.
مع احترامى الكبير لأساتذة الطب فى مصر، الكثير منهم أصدقاء أعزاء ولهم كل الاحترام، ولكن فى تقديرى ومن تجربتى بالعمل فى المستشفيات الجامعية فى بريطانيا يجب أن تكون إدارة كل المستشفيات العامة والتى تشمل المستشفيات الجامعية والتعليمية تحت إدارة هيئة حكومية واحدة حتى يكون هناك تماثل فى الخدمات الطبية مع توفير الاحتياجات الخاصة للمستشفيات الجامعية للتأكد من وجود إمكانيات كافيه للتعليم وللبحث العلمى. فى بريطانيا كل المستشفيات العامة والجامعية تحت إدارة وزاره الصحة ولكن يوجد تمثيل قوى من الجامعات فى المستشفيات التعليمية للتأكد من وجود تسهيلات كافية لتعليم طلاب الطب وكذلك للبحث العلمي. الجامعات لا تدير المستشفيات فى بريطانيا واعتبار المستشفيات الجامعية حالة خاصه تدار فقط بالأكاديميين لا يخدم المصلحة العامة. المستشفيات العامة ملك للدولة وليست ملك للأكاديميين ويجب أن يكون هناك معايير واضحة وجيدة. يتبعها الجميع لتقديم خدمات صحية متماثلة فى جميع المستشفيات العامة وخدمات تخصصية فى المستشفيات الجامعية والتعليمية٠
فى بريطانيا حيث أمضيت معظم سنوات العمل الكلينيكى فى مستشفيات وزارة الصحة البريطانية لما يقرب من أربعين عاما، ثلاثون عاما منها فى مستشفى جامعى كبير كإخصائى ورئيس قسم وأستاذ جامعى لعدة سنوات. كل الإخصائيين والأساتذة يعملون حسب عقد عمل يحدد جميع المسئوليات وتحدد الماهية حسب ساعات العمل المتفق عليها وهذا العقد لا يمنع مزاولة الطب الخاص فى أوقات الفراغ من العمل الحكومى مع وجود حد أدنى لساعات العمل المخصصة للعمل الحكومى والجامعى ولا أحد فوق القانون والمحاسبة من أكبر أستاذ إلى أصغر إخصائى.
كل المستشفيات العامة والتى تشمل المستشفيات الجامعية تخضع لقوانين الحوكمة الكلينيكية للتأكد من نوعيه الخدمة فى جميع مراكز العلاج.
كل إخصائى وأكاديمى فى بريطانيا يخضع سنويا لمراجعة عمله الكلينيكى والأكاديمى.
رخصة مزاولة العمل تجدد كل خمس سنوات حسب إثبات ممارسة التعليم الطبى المستمر وتقارير المراجعة السنوية.
يجب أن نتفهم أن نجاح أى مؤسسة يجب ألا يعتمد على تصرفات شخصية بل يجب أن يكون النجاح معتمدا على قوانين تنظيمية عادلة تطبق على الجميع بدون تفرقة، ونظام حوكمة للتأكد من كفاءة المؤسسة والعاملين بها، لا أحد فوق المحاسبة، التفرقة عامل مهم فى فساد أى منظومة.
هدف هذا التعليق هو تقديم تجربتى الشخصية الطويلة فى بريطانيا وتجاوب مع طلب رئيس الدولة من المصريين فى المهجر بالمشاركة الإيجابية لحل مشاكل الوطن من خلال خبراتهم فى الخارج.
أتفهم ومتعاطف مع الصعوبات الكثيرة التى يواجهها الأطباء فى مصر فى المستشفيات الجامعية وخارجها بداية من أجور غير مناسبة والعمل تحت ظروف صعبة للغاية مع قلة الإمكانيات والتسهيلات لتقديم خدمة طبية جيدة. الإصلاح سوف يحتاج وقتا وتعاونا صادقا من الجميع والاهتمام بالصالح العام.
نتمنى جميعا الخير لمصر..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved