لغتنا الجميلة في خطر

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 23 ديسمبر 2021 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

هل صحيح أن اللغة العربية مهددة فى وجودها؟!

سؤال يطرحه البعض هذه الأيام، ونحن نحتفل باليوم العالمى للغة العربية فى ١٨ ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذى يصادف اعتماد الأمم المتحدة عام ١٩٧٣ العربية لغة رسمية.

هذه اللغة التى يتحدث بها أكثر من ٤٥٠ مليون شخص تواجه صعوبات كبيرة شأنها شأن العديد من اللغات العالمية بخلاف الإنجليزية، التى تكاد تكون لغة غالبية العالم.

مما يسر النفس أن هناك اهتماما إعلاميا كبيرا بالاحتفال باللغة العربية، على مستوى الحكومات والشعوب العربية.

كان ملفتا للنظر أن الجناح المصرى فى معرض اكسبو دبى أطلق مبادرة عنوانها «اتكلم عربى» وشارك فيها كثيرون منهم الفنانة اللبنانية كارول سماحة التى قالت إنها سجلت أغنية بعنوان «اتعلم واتكلم عربى».

ويدرس الاتحاد الدولى لكرة القدم اقتراحا بأن تصبح العربية لغة رسمية فى الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا»، الذى يعتمد أربع لغات فقط هى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية.

ويوم الأحد الماضى سمعت المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ يحيى هذه اللغة فى افتتاح الجلسة العامة، ويقول «إن الحفاظ عليها من أعظم الواجبات الوطنية والشرعية والعملية، وإن المجلس يحض على تعزيز قيمة اللغة فى نفوس كل المتحدثين بها، وإن المادة الثانية من الدستور تؤكد أن الإسلام دين الدولة، وإن العربية لغتها الرسمية وإنها ثابتة فى وجه كل المتغيرات».

كذلك كان ملفتا للنظر ما أصدرته إدارة البيانات بمكتب النائب العام، وقالت «إنها تقصد من بياناتها الإسهام فى إحياء اللغة العربية السليمة وتذوقها بجانب كشف الحقائق، وأن العربية هى لغة قومية من الروافد الرئيسية للهوية المصرية العربية وهى عنصر أساسى من عناصر رباط الأمة، واحترامها وإتقانها واجب وطنى فهى رمز الولاء والانتماء والاعتزاز بالهوية وهى مدعاة للفخر والرقى وعلو الشأن، وهى لغة مقدسة اختارها رب العالمين لغة للقرآن الكريم، وعلينا تأمل السر فى هذا التشريف العظيم».

على المستوى النظرى فإن كل البلدان العربية نقول إنها تدعم اللغة العربية، لكن الأمر على أرض الواقع مختلف إلى حد كبير.

لا أقول ذلك تشكيكا فى اهتمام هذه الحكومات، لكن فى عدم اتخاذ إجراءات عملية لدعم هذه اللغة التى تتعرض لعمليات تجريف واسعة لأسباب عديدة.

 نحن كعرب نتحمل المسئولية الكبرى خصوصا فى مراحل التعليم المختلفة سواء كان تعليما عاديا أو جامعيا.

بعضنا يعتقد أن نوع التعليم الذى يلقى الاحترام والتقدير، هو ذاك الذى يجعل أولادنا يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة، وهو أمر محمود بطبيعة الحال، شرط ألا يكون ذلك على حساب لغتنا الأم.

عدد كبير من طلاب المدارس الأجنبية الذين يجيدون لغات أجنبية مختلفة لا يجيدون الكتابة أو الحديث بالعربية.

وفى المقابل فإن عددا كبيرا من طلاب المدارس الحكومية لا يجيدون الإنجليزية ولا قواعد العربية. أما طلاب المدارس والدبلومات الفنية، فإن بعضهم لا يعرف حتى كيفية كتابة اسمه باللغة العربية!!

ومع المشاكل الكثيرة التى يعانى منها التعليم ليس فى مصر فقط، ولكن فى العديد من الدول العربية، خصوصا فى البلدان التى تعانى من نزاعات وصراعات طائفية ومذهبية عرقية وأهلية، فإن الاهتمام باللغة العربية يتراجع.

فى العديد من شروط الوظائف نجد ضرورة إجادة اللغة الإنجليزية، وقلة من هذه الوظائف تطلب ضرورة إجادة اللغة العربية.

السبب الثانى هو الهجمة الآتية من الخارج والمتمثلة فى الفضائيات والشبكات المختلفة التى تروج للإنجليزية فقط، ليس فقط كلغة ولكن أيضا كسلوكيات وقيم غريبة تماما عن مجتمعنا.

لا ألوم هذه الشبكات، التى تروج لقيمها وثقافتها ولغتها، ولكن ألوم الحكومات والمجتمعات العربية التى لا تبذل الجهد الكافى لحماية اللغة العربية ودعمها خصوصا لدى الصغار.

قبل أيام سمعت من يقول إنه لو استمر الأمر على هذا المنوال فإن اللغة العربية مهددة بالتهميش أو الانقراض.

ظنى أن ذلك احتمال بعيد، لأسباب كثيرة أهمها أنها لغة القرآن الكريم، الذى قال بوضوح «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، وحينما يتعهد المولى عز وجل بحفظ القرآن فهو تعهد يعنى أيضا حفظ اللغة التى نزلت به، وكل من يصلى لابد أنه يعرف بعضا من اللغة العربية، حتى لو لم يكن لسانه عربيا أصيلا.

أظن أن بداية الحل لهذه المشكلة المهمة جدا هى أن نحبب الصغار فيها وأن نشجعهم على إجادة الحديث بها، وأن تهتم وسائل الإعلام العربية المختلفة بدعم وتشجيع اللغة العربية، وليس فقط مجرد الحديث بها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved