إلى أي مدى تحتضن إسرائيل الشريك الصيني!

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الخميس 23 ديسمبر 2021 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب نيفيل تيلر، تناول فيه باستفاضة مبادرة الحزام والطريق الصينية وانضمام العديد من الدول لها مما يبرهن على توسع النفوذ والتهديد الصينى عالميا، ثم ركز على توغل الصين الاستثمارى فى إسرائيل وما سيكون تصرف الأخيرة حيال ذلك فى ظل التخوف الأمريكى والغربى البالغ من تحدى الصين... نعرض منه ما يلى:

فى 6 ديسمبر الحالى، حذرت المخابرات الأمريكية من أن بكين تعتزم إقامة قاعدة عسكرية دائمة على ساحل غينيا الاستوائية، مما يمنحها قدرة بحرية فى المحيط الأطلنطى فى مواجهة الولايات المتحدة. فى نفس اليوم، قررت الولايات المتحدة أن دبلوماسييها سيقاطعون دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية فى بكين لعام 2022 كاحتجاج رسمى على سجل الصين السيئ فى مجال حقوق الإنسان.

على الجانب الآخر، واعتبارا من ديسمبر 2021، وقع ما لا يقل عن 140 دولة، بدءا من أفغانستان إلى زيمبابوى، مذكرة تفاهم رسمية مع الصين، وانضمت إلى مبادرة الحزام والطريق (BRI)، إسرائيل لم تفعل ذلك رغم أنها منخرطة بشكل كبير مع الشركات الصينية والوكالات الحكومية عبر مجموعة واسعة من المشاريع. 

مبادرة الحزام والطريق الصينية، التى اعتمدتها الحكومة الصينية فى عام 2013، هى حجر الزاوية فى السياسة الخارجية للرئيس شى جين بينغ. وهى تتضمن رؤية قوية للاستثمار الصينى الضخم، وبالتالى المشاركة المتعمقة، فى جميع أنحاء بلدان آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. مبادرة الحزام والطريق تعد بحسب البعض أكبر مشروع استثمارى وبنية تحتية فى التاريخ لدرجة أنهم يصفونها بأنها خطة ميكافيلية مراوغة لتحقيق الهيمنة الصينية على العالم.

لذلك يعد التأثير العالمى للصين بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة بمثابة مصدر قلق بالغ. ليس أدل على ذلك مما حدث فى نوفمبر 2020 حيث نشر مكتب وزارة الخارجية الأمريكى وثيقة من 72 صفحة تسمى: «عناصر التحدى الصينى». استشهدوا بمبادرة الحزام والطرق، وسط سبعة عناصر أخرى، وتقوم فكرة هذا العنصر على توسيع الأسواق الخارجية للشركات الصينية، وبالتالى رسم المدار الجيوسياسى لبكين. فى بعض الأحيان، تنطوى مشاريع الحزام والطريق على علاقات تمتد من 50 إلى 100 عام بموجبها سيكون للصين على المدى الطويل سيطرة على الأجزاء الرئيسية للبنية التحتية فى البلد المضيف.

لكن أيضا خطة الصين تعمل بعناية على إغراء البلدان الفقيرة فى ما يطلق عليه «مصائد الديون والبيانات»، وهى سياسة تهدف إلى تعزيز النفوذ الصينى فى جميع أنحاء العالم. بعبارة أخرى، بدأ الغرب فى فقدان تحالفاته السابقة؛ فباكستان تلقت مليارات الدولارات لدعم مبادرة الحزام والطريق، وعندما فشلت سريلانكا فى سداد القروض الصينية بقيمة 1.3 مليون دولار، أجبرت على تسليم الميناء الجنوبى الرئيسى هامبانتوتا، بالإضافة إلى مشاركة الصين فى مشاريع البناء بمليارات الدولارات على كل من السواحل الشرقية والغربية لأفريقيا.

إلا أن القلق البالغ يظهر فى انخراط بكين بشكل عميق فى نيجيريا التى ارتبطت بعلاقاتها التاريخية مع بريطانيا. أصبحت نيجيريا الآن تعتمد على الاستثمارات الصينية، استثمرت بكين نحو 10 مليارات دولار فى تطوير البنية التحتية للنقل فى نيجيريا. وإذا لم تتضافر الجهود لتغيير هذا المسار، فعلى المدى الطويل سنرى مستقبل نيجيربا مع الصين بدلا من الحلفاء الديمقراطيين مثل المملكة المتحدة.

نعود الآن إلى عنوان مقالنا لنرى ما هى علاقة إسرائيل بالتحدى الصينى. بداية، تقع إسرائيل فى موقع استراتيجى عند تقاطع ثلاث قاراتــ أوروبا وآسيا وأفريقيا ــ وهذا يفسر مصلحة الصين الخاصة بتطوير مشاريع فى إسرائيل خاصة وأن بكين تعترف بإمكانات إسرائيل لربط الصين بالغرب. 

وفى دراسة حديثة أجرتها جامعة تل أبيب حول المشاركة الاقتصادية للصين فى إسرائيل. حددت الدراسة ما لا يقل عن 463 استثمارا واندماجات واستحواذات من قبل الشركات الصينية فى إسرائيل من 2002 إلى ديسمبر 2020. لقد أشارت واشنطن بالتأكيد إلى مخاوف بشأن منشأة ميناء حيفا الجديدة البالغة 1.7 مليار دولار التى بنتها شركة صينية، على أن يتم تشغيلها على مدى السنوات الـ 25 المقبلة من قبل شركة شنجهاى الدولية للميناء. وقد تم طرح فكرة إلغاء إسرائيل لعقد التشغيل هذا. 

تشمل الصفقات الرئيسية الأخرى داخل إسرائيل فوز الشركات الصينية بعقد بناء أجزاء من سكة حديد تل أبيب، ومناقصة بقيمة 2 مليار دولار لبناء خط سكة حديد «ميد ــ ريد« يربط ميناء أشدود بإيلات. كل ذلك يمنح الصين نفوذا كبيرا على التنمية الداخلية لإسرائيل. والسؤال المطروح بالنسبة لإسرائيل هو إلى أى مدى ينبغى أن تذهب فى احتضان الصين كشريك تجارى، بالنظر إلى الشكوك الأمريكية حول الدوافع الحقيقية للصين.

هناك اعتراف متزايد من قبل كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بضرورة عمل المزيد لحماية التحالفات طويلة الأمد ضد التوسع الصينى. فالعديد من الدول تستمر فى الاستسلام للإغراء الصينى الذى يجدون فيه فوائد فورية.

فى حديثنا هذا يتبادر إلى الذهن التحذير المعروف للشاعر الرومانى فيرجيل: «احذروا من الإغريق حاملى الهدايا».

فليحذر الغرب من الصين حاملة الهدايا.

 

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved