أوروبا.. أجندة تحديات للعام ٢٠٢٢

ناصيف حتى
ناصيف حتى

آخر تحديث: الإثنين 24 يناير 2022 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

دلت الاجتماعات الأوروبية فى النصف الثانى من السنة الماضية وتلك التى يجرى التحضير لها للأشهر الستة المقبلة، والحاملة لمواعيد معينة، أن هنالك انشغالا أوروبيا جديدا أم متجددا، كما يقول البعض، لتعزيز دور أوروبا على الصعيدين الداخلى والخارجى. يدفع إلى ذلك الأزمات التى تحاصر أوروبا من الداخل والخارج.
الرئاسة الفرنسية فى الأشهر الستة الأولى من هذا العام كما دلت على ذلك التصريحات والإعلانات الفرنسية المتكررة وخاصة على المستوى الرئاسى تعزز هذا التوجه الأوروبى الجديد. ويبدو من خلال الاتصالات الأولية الفرنسية الألمانية، مع القيادة الألمانية الجديدة، أن هنالك بداية عودة لما عرف فى الماضى بدور القاطرة الأوروبية التى يقوم بها الثنائى الفرنسى الألمانى مع دعم وتنسيق مع إيطاليا فى هذا الشأن حاليا. وتشكل ما يعرف باستراتيجية البوابة العالمية الأوروبية، التى خصص لها موازنة بحدود ثلاث مئة مليار يورو لتعزيز شبكة العلاقات الأوروبية فى جميع المجالات وفى طليعتها بالطبع الجانب الاقتصادى على الصعيد العالمى، أحد أبرز معالم هذا التغيير المنشود.
أسئلة وتساؤلات طرحت وتطرح فى الاجتماعات الأوروبية وموضوعة على جدول الاجتماعات القادمة تتعلق ببلورة عقيدة استراتيجية أوروبية وتحديدا على الصعيدين الأمنى والدفاعى. الهدف أن لا تبقى أوروبا جزءا فقط من عالم غربى، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، لم يعد مسيطرا بالطبع كما بدا فى بدايات فترة ما بعد الحرب الباردة، وأيضا عبر منظمة حلف شمال الأطلسى. الهدف من تلك الرؤية والاستراتيجية التى ستبنى عليها، ودون ذلك الكثير من التحديات، خلق هذه الاستقلالية الاستراتيجية التى كما يقول أكثر من مسئول أوروبى بأنها لا تهدف إلى الصدام مع الحليف الأمريكى بل إلى إحداث نوع من التوازن مع واشنطن على قاعدة وجود أولويات أوروبية، فى إطار الحلف الكبير بينهما، قد تختلف فى أهميتها وكيفية التعامل معها عن الرؤية الأمريكية. الهدف من بلورة «ثقافة استراتيجية مشتركة» هو بناء قطب أوروبى حليف للولايات المتحدة فى عالم «ما بعد الحرب الباردة». عالم يشهد فى قمة الهرم، تبلور نوع من الثنائية القطبية الأمريكية الصينية، يقع فى مستوى دونها عالم متعدد الأقطاب لم تستقر بعد قواعده وأنماط علاقاته المتشابكة مع الثنائية الناشطة فى التبلور.
العديد من التحديات تظهر على جدول الأولويات الأوروبية منها الاستفادة من دروس أزمة الكوفيد لبلورة استراتيجية صحية على مستوى الاتحاد الأوروبى ككل لمواجهة أكثر فعالية لتحديات صحية مستقبلية ويستدعى ذلك أعلى درجات التنسيق بين الأجهزة المعنية فيما لو وجد القرار وتوفير كم هائل من الإمكانات المادية. تبرز أيضا على لائحة التحديات الأوروبية المشتركة والتى هى إلى ما أشرنا إليه سابقا من تحديات على جدول أعمال الاجتماعات الأوروبية المقبلة، العمل على بلورة استراتيجية «نمو مستدام وعادل اجتماعيا وشامل» فى إطار «العقد الأوروبى الأخضر». تحديان أيضا على جدول الاهتمامات الأوروبية أو كما وصفها صديق، الهموم الأوروبية، يتعلقان بالتعامل بفعالية ونجاح مع متطلبات الاقتصاد الرقمى وكذلك مع التداعيات الخطيرة للاحتباس الحرارى. أضف إلى ذلك مسألة الهجرة غير الشرعية سواء من بوابة شرق أوروبا على الحدود البيلاروسية مع بولندا وأوكرانيا وهى وسيلة ضغط على الاتحاد الأوروبى كما يقول أكثر من مسئول أوروبى وكذلك الأمر بالنسبة للهجرة عبر البوابة المتوسطية فى وقت تعانى فيه أوروبا من أزمات اقتصادية ذات تداعيات سياسية واجتماعية كبيرة. تظهر بعض هذه التحديات عبر نمو اليمين المتطرف والعنصرى. الأمر الذى يهدد فى حالات عديدة النسيج المجتمعى فى بعض الدول الأوروبية وكذلك عملية البناء الأوروبى إذا لم يتم التعامل مع العناوين/الشعارات التى يحملها بنجاح. تحديات عديدة متداخلة ومترابطة تغذى بعضها البعض الآخر يواجهها الاتحاد الأوروبى ودوله. تحديات حاملة لخيارات استراتيجية من حيث أهميتها لم يعد من الممكن تلافيها من قبل أوروبا دولا واتحادا أوروبيا. فكيف ستتعامل القارة القديمة مع ذلك كله وتداعياته التى تطال بشكل مباشر وليس وحيدا الشرق الأوسط وأفريقيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved