عن إقالة الحكومة.. قُلْ هاتوا برهانكم


وليد راشد

آخر تحديث: السبت 24 مارس 2012 - 9:35 ص بتوقيت القاهرة

تعليقا على «سيل» مستمر من التصريحات والجلسات البرلمانية والبرامج الحوارية للأغلبية البرلمانية، جميعها تنادى بإسقاط حكومة الجنزورى لأنها ــ وعلى حد قولهم ــ أركعت مصر التى لا تركع فى قضية سفر المتهمين الأمريكان فى قضية منظمات المجتمع المدنى.

 

فى نقاط محددة أحاول أن أتفهم مدى جدية هذه التصريحات والنداءات المتكررة:

 

أ ــ لا أتفهم لمن تحديدا توجه الأغلبية البرلمانية حديثها بالقدرة والرغبة فى تشكيل الحكومة الجديدة، هل لنا نحن الشعب؟ هل للمجلس العسكرى بصفتة الحاكم؟ هل لحكومة الجنزورى نفسها؟ لا أفهم لمن النداء إن كان مُفترضا فيهم التنفيذ وليس الطلب من يريد ويستطيع تشكيل حكومة يفعل وفورا، لا يكتفى بالتصريح يوميا.

 

ب ــ تعلمون كما يعلم الصغير قبل الكبير فى مصر أن سفر المتهمين الأمريكان فى قضية المجتمع المدنى ليست مسئولية الحكومة على الإطلاق، وأن الحكومة لا حول لها ولا قوة من سفرهم، وأعضاءها ربما فوجئوا بالخبر مثل عامة الشعب، فلماذا إذن لا توجهوا أصابع اتهامكم للفاعل الحقيقى؟ وتعلمون قبل وبعد ذلك انه لا يوجد قضية بالأساس وان أولها وآخرها لعبة سياسية تحكم فى اطرافها المجلس العسكرى بصفته الحاكم الحالى للبلاد.

 

ج ــ لو كانت الحكومة الحالية هى حكومة حزبى العدالة والحرية والنور (باعتبارهم الأغلبية البرلمانية التى ستشكل الحكومة الجديدة)، وكان المجلس العسكرى على رأس السلطة كما هو الآن بنفس صلاحياته لحدث ما حدث نفسه فى قضية الأمريكان ودون أدنى تغير، وهل كان سيطالب البرلمان وقتها بإسقاط حكومتى الحرية والعدالة والنور؟ أترك لكم الإجابة!

 

د ــ تقدمتم أيها السادة الأفاضل للترشح فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى ظل اعلان دستورى صادر عن المجلس العسكرى فى مارس 2011 أى قبل 7 اشهر كاملة من الانتخابات البرلمانية حددت المادة 33 منه وظيفة مجلس الشعب: ونصها كالآتى (يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية) وحددت المادة 56 منه وظيفة المجلس العسكرى فى 10 نقاط كاملة واضحة لا تقبل تأويلا، ونصها يستحق قراءة بعناية وتركيز كالآتى (يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، ولـه فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية:

 

1 ــ التشريع.

 

2 ــ إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها.

 

3 ــ تعيين الأعضاء المعينين فى مجلس الشعب.

 

4 ــ دعوة مجلسى الشعب والشورى لانعقاد دورته العادية وفضها والدعوة لاجتماع غير عادى وفضه.

 

5 ــ حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها.

 

6 ــ الدولة فى الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتعتبر جزءا من النظام القانونى فى الدولة.

 

7 ــ تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم

 

8 ــ تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين فى القانون، واعتماد ممثلى الدول الأجنبية السياسيين.

 

9 ــ العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون.

 

10 ــ السلطات والاختصاصات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح. وللمجلس أن يفوض رئيسه أو أحد أعضائه فى أى من اختصاصاته.

 

د ــ وهل كنتم تحتاجون إلى ترحيل المتهمين الأمريكان كدليل إثبات على فشل حكومة الجنزورى وأنها غير قادرة بالإساس على فهم معنى الثورة لتحقق اهدافها؟

 

هـ ــ أم هل تنتظرون من حكومة الجنزورى وهو الرجل الثمانينى (مع كامل التقدير والاحترام لسِنّه) الذى قَبِلَ منصب فى تلك المرحلة من حياته باحثا بكل معانى الكلمة عن نهاية مشرفة لحياته السياسية يحاول إلصاقها بالثورة ليُذكر له دورا تاريخيا فى هذة المرحلة الخطير من حياة الوطن.. اطمئنوا الرجل لا يعرف مجرد معنى الحرج السياسى حتى يقدم استقالته او ينسحب من المشهد. اطمئنوا لن يفعل مهما كان هجومكم.

 

و ــ اسمحوا لى تذكيركم بأن حكومة الجنزورى جاءت بمباركة تامة ولم يعارضها عمليا لا حزبى الحرية والعدالة ولا النور، جاءت فى حين كان شباب الثورة ينادون بالاعتصام فى التحرير رفضا لتلك الحكومة، لكن كالمعتاد استمرارا لإضاعة الوقت والفرص ضاعت علينا فرصة إسقاط حكومة الجنزورى من أول يوم لها والآن وبعد 4 شهور من عمرها يطالب البرلمان بما كنا نطالب به ميدان التحرير وكل ميادين الثورة فى مصر.

 

●●●

 

السادة الأفاضل أعضاء الأغلبية البرلمانية التى تنادى مع الصلوات الخمس يوميا لإسقاط الحكومة أن لم تكونوا تدركوا ما ذكرته سابقا فتلك مصيبة.. وأن كنتم تدركونه (كما هو اعتقادى) فهنا الوضع انتقل من مرحلة الإدراك إلى الخداع المستمر لشعب يتوهه ويُستَنفَذ مع تصريحاتكم.

 

أخيرا السادة أعضاء الأغلبية البرلمانية إذا كنتم تظنون أن الضغط بورقة إسقاط الحكومة ــ وأنتم تعلمون تماما أنه لن يحدث إلا بعد تسليم السلطة رسميا لرئيس مدنى منتخب ــ (كما نص عليه الإعلان الدستورى وذكرت سابقا)، إن كنتم تظنونه ورقة ضغط على المجلس العسكرى لاستخدامها كرصيد للمواقف القادمة، فأيضا اطمئنوا المجلس العسكرى لا يفهم حتى معنى التفاوض السياسى وإن كان الصمت عن مواقف كثيرة الآن للمجلس العسكرى هو تأجيل للصادم ــ الذى بالتأكيد لا أتمناة فأعلموا أنه آتٍ آتٍ لا محالة.. فكلاكما لن يطيق أن يعيش مع الآخر فى نفس القفص. (ذكريات 1952 تلوح فى الأفق).

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved