.نادين شمس.. الموت عبثًا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 24 مارس 2014 - 5:10 ص بتوقيت القاهرة

نادين شمس ماتت بسبب الإهمال الطبى.. الخبر ليس جديدا ولا يثير غيرة أى شخص فى مصر، لأنه يتكرر كثيرا من دون أن يتم معاقبة المهمل. هل المشكلة فى الطبيب الذى أخطأ أم فى المنظومة بأكملها؟! لا أقصد فقط المنظومة الطبية، ولكن كل منظومة حياتنا بلا استثناء.

كاتبة السيناريو نادين شمس عرفتها من بعيد، قابلتها مرات قليلة، لأنها صديقة حميمة لشقيقة زوجتى المخرجة هالة لطفى صاحبة فيلم «الخروج للنهار» الذى حصد العديد من الجوائز فى الشهور الأخيرة.

نادين تنتمى لجيل مختلف يحاول أن يقدم شيئا مختلفا فى السينما عبر ورش كتابة السيناريو المتحررة والمتمردة دون الخضوع للمنطق التجارى، أو بيع إبداعهم لحيتان صناعة السينما الكبار والأسماء اللامعة التى تشترى عرق الشباب كى تضع عليها اسمها.

قبل أيام دخلت نادين شمس مستشفى استثماريا كبيرا فى حى الدقى، يأخذ فلوس المرضى قبل دخولهم، أجرت عملية لإزالة ورم فى الرحم، لكن الذى حدث طبقا لأصدقاء نادين فإن هناك خطأ طبيا أدى إلى إحداث ثقب كبير فى القولون قاد إلى إحداث عملية تسمم بالدم أدت إلى توقف كل الوظائف الحيوية للجسم.

أصدقاء نادين حاولوا بشتى الطرق نقلها إلى مستشفى آخر بعد أن يئسوا من المستشفى وتشاءموا منه، لكن إرادة الله سبقت الجميع واستردت الوديعة، وهكذا ماتت نادين فجر السبت أمس الأول.

سيقول البعض: وما الجديد فى قصة نادين.. إنها تتكرر كثيرا لكن الإعلام لا يسلط الضوء إلا على الأسماء المعروفة؟!.

ربما كان ذلك صحيحا إلى حد كبير، وربما كانت هذه الحادثة المؤلمة فرصة لإعادة التذكير بالحالة المأساوية لملف الصحة فى مصر.

المفارقة القاتلة أنه إذا كان القادرون والمتمتعون بنظم ومشروعات علاج جيدة والمترددون على المستشفيات الكبرى لا يضمنون الحصول على علاج متقدم وآمن.. فماذا يفعل الفقير المعدم؟!.

للأسف الشديد الإجابة الصادمة والمكررة أن مثل هذا المريض يموت فورا.

سيقول البعض إن ما حدث مع نادين شمس مجرد خطأ من طبيب أو طبيبين يمكن أن يحدث فى أى مستشفى متقدم بالعالم.

نعم يحدث فعلا لكن بنسبة ضئيلة، وعندما يحدث تقوم القيامة. لكن هذا الأمر صار يتكرر فى مصر بصورة روتينية.

قبل وفاة نادين بساعات قليلة أصر المستشفى على الحصول على 400 جنيه من أسرتها نظير إعطائها حقنة خلال مرحلة علاجها. وسيقول البعض إن هذا تطبيق للوائح والقواعد، لكن هؤلاء لا يردون على سؤال بسيط هو ولماذا لا يطبق المستشفى القاعدة الأساسية وهى الحفاظ على حياة المريض وهو أمر يتم انتهاكه يوميا.

حال الصحة فى مصر كارثى ويحتاج إلى ثورة حقيقية وإلى استثمارات ضخمة ويكفى أن نلقى نظرة على حال أى مستشفى. وأقسم بالله العظيم أننى لم أصدق نفسى وأنا أزور أحد الأقارب فى المستشفى الجامعى فى أسيوط.

التحدى الحقيقى أمام مصر ورئيسها القادم هو القدرة على النهوض بالتعليم والصحة ووقف اندفاعنا نحو الكارثة المحققة.

رحم الله نادين شمس وألهم أسرتها وأصدقاءها الصبر، ولعل موتها يدق ناقوس الخطر لمن يهمهم أمر هذا البلد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved