مارس الحزين

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 24 مارس 2020 - 11:50 ص بتوقيت القاهرة


لا شك أنها فترة عصيبة تكتسى فيها ساحة السينما بلونها الرمادى، بدلا من الوردى الزاهى بربيعه كما هو معتاد فى مثل هذا التوقيت من كل عام.
شهر مارس هو موسم البهجة وطوق النجاة الذى لجأ اليه الموزعون «محليا» ليشكل بارقة امل لمجموعة من الافلام «الفنية» المستوى، وغيرها من تلك التى لم تجد غالبا مكان لها وسط طوفان مواسم الصيف والأعياد، وكذلك كانت دور العرض تتلألأ بعدد من الأفلام العالمية الكبرى الجيدة التى أصبحت تتسلل إلى وجدان المشاهد المصرى فى السنوات القليلة الماضية واستطيع القول انها غيرت ذوقه وارتفعت بسقف خياراته.
على المستوى العالمى، وقف طوفان فيروس كورونا المفزع حائلا دون نزول مجموعة كبيرة من الأفلام التى مهد لها صناعها بحملات دعائية كبيرة، والتى كان شهر مارس موعد البداية لنقطة عرضها وانطلاقها محليا وعالميا، وراهنت الشركات على تحقيق إيرادات تفوق التوقعات، لكن فزع الحذر من انتشار «كورونا» جعل صالات السينما فارغة طوال الاسبوع كمشهد سريالى، وهو مشهد مؤلم لم نعتد عليه حتى فى وقت الحروب، حيث كانت مشاهدة الأفلام ملاذا لتخفيف وطأة الأزمة.
مارس أصبح حزينا أمام آهات وحسرة صناع الأفلام الذين باتوا أمام أيام مجهولة الرؤية والمصير بالنسبة لانتاجاتهم الجديدة.. على الاقل خلال الايام القادمة، الجميع بات يتألم بما فيها دور العرض التى اغلقت ابوابها تماما حفاظا على جمهورها وسلامته.
التقارير المبدئية تشير إلى أن الخسائر الناتجة عن تداعيات الفيروس فى هوليوود ربما تفوق الخمسة مليارات دولار من ايرادات شباك التذاكر وهى الخسارة التى لم يشهدها منذ 20 عاما، وخاصة الانتاج الأمريكى والاوروبى، بعد غلق سوق كالصين، أكبر سوق للأفلام الأمريكية وكذلك كوريا، والخليج العربى، وذلك بحسب بعض المحللين، حيث انخفضت إيرادات شباك التذاكر إلى حوالى 80 بالمائة.
يتوقع بعض المحللين أن يؤدى الفيروس بجانب خسارة الأموال إلى التأثير على حركة إنتاج الأفلام الجديدة التى كان مقررا لها الانطلاق فى الأشهر القادمة مع ارتباك كبير فى ميزانيات الشركات.
مسئول فى لجنة الأفلام الكورية قال «ان الوضع أسوأ بكثير مما رأيناه خلال انتشار فيروس ميرس فى العام 2015، والذى أطلق عليه مؤخرا «فيروس كورونا المستجد»، إذ تراجع عدد رواد السينما بنحو 40 بالمائة ولكن لم نشهد إغلاقا لدور عرض، وانتعشت السوق بعد شهر، ولكن الأمر مختلف مع فيروس كورونا».
أسهم شركة واندا فيلم هولدنج للسينما فى الصين التى يسيطر عليها الملياردير وانج جيانلين انخفضت بنسبة 25 ٪ وتراجعت أسهم ايماكس تشاينا التى تدير الشاشات بنسبة 21 ٪، فى حين أن بيجين ان لايت ميديا، واحدة من أكبر استوديوهات الصين، تراجعت أسهمها بنسبة 17 ٪.
موقع vulture ذكر أن استمرار غلق دور العرض والمسارح فى الصين قد يتسبب فى خسائر تصل إلى 4 مليارات دولار بحلول نهاية شهر مارس.
تصوروا ان خسائر تأجيل طرح «لا وقت للموت» النسخة الأخيرة من فيلم العميل «جيمس بوند»، واحد من أعرق سلاسل السينما العالمية، حول العالم تصل إلى 50 مليون دولار خاصة أن الفيلم هو آخر أعمال بطله النجم دانييل كريج، ويعتبر الفيلم هو النسخة الـ25 من السلسلة.
مارس الحزين ألقى بظلاله أيضا على تأجيل امل جديد فى دنيا المهرجانات السينمائية، وهو مهرجان البحر الأحمر السينمائى، الذى كان بدون شك سيشكل اضافة لساحة المنافسة والتشجيع بين صناع السينما فى المنطقة العربية، بعد اغلاق مهرجانى أبوظبى، ودبى، وأخشى ان يصيب اليأس مسئولى مهرجان كان السينمائى، عرس المهرجانات العالمية، رغم عزيمة ادارته التى سارعت بأنها ستبحث عن موعد جديد له فى يوليو القادم بعد قرار تأجيل دورته الـ 73 التى كان مقررا لها 12 مايو، وكأن بداخلها يقين على إقامته، رغم صعود أصوات مسئولين فرنسيين تقول انه سيكون من الصعب للغاية إن لم يكن من المستحيل أن يستمر المهرجان هذا العام.
حالة الفزع من انتشار الفيروس فى فرنسا تملأ دون شك ادارة المهرجان، وتخشى من تطور الأمر، ليحرم عشاق ومريدو السينما من باقة هى الاميز فنيا، فهناك مخرجون كبار يجدون فى المهرجان، ملاذا لاحساسهم بالوجود، رغم اغراءات نتفلكس التى سحب بعضهم إليها.
ارتبط شهر مارس بعروض أشبه بالعرس السينمائى البديع إلا أن الأحوال من حولنا تبدلت وتغيرت، واتمنى ان لا تطول احزان مارس لتنال من احلام ابريل ومايو.. بل احلام هذا العام 2020.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved