لن تعرف أفغانستان السلام بدون الضغط على باكستان

قضايا عسكرية
قضايا عسكرية

آخر تحديث: السبت 24 أبريل 2021 - 7:25 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defense One مقالا للكاتب محمد أشرف حيدارى، وهو سفير أفغانستان بسيريلانكا، عن قيام باكستان وطالبان بعرقلة جهود السلام فى أفغانستان لتحقيق مصالحهما، وكيف أن اتفاق السلام بين طالبان والولايات المتحدة منقوص ولن يحقق سلاما حقيقيا وتنمية مستدامة فى أفغانستان.. نعرض منه ما يلى.
لقد مرت 42 سنة على اندلاع الصراعات فى أفغانستان، بذلت خلالها عدة محاولات لتحقيق الاستقرار واستعادة السلام هناك. ولكن كل جهود السلام فشلت أو توقفت. اتفاق الدوحة الأخير، الذى وقعته الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب وطالبان فى فبراير 2020، والذى استبعد جمهورية أفغانستان، اتفاق هش. أجبر الجمهورية الإسلامية على تقديم تنازل غير مسبوق: إطلاق سراح أكثر من 5500 سجين من طالبان. فى المقابل، كان من المفترض أن تبدأ طالبان محادثات أفغانية ــ أفغانية، للحد من العنف ووقف إطلاق النار وقطع العلاقات مع القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى، وضمان عدم عودة هؤلاء السجناء إلى ساحة المعركة. لم يتحقق أى من هذه الأمور حتى الآن، وذلك بفضل باكستان، راعى طالبان الإقليمى.
معظم سجناء طالبان المفرج عنهم إما عادوا إلى ساحات المعركة أو استأنفوا عمليات تهريب المخدرات خارج المناطق التى تسيطر عليها طالبان، أو عادوا إلى ارتكاب عمليات قتل تستهدف الأشخاص التى تحرك عملية التقدم فى أفغانستان؛ حماية حقوق الإنسان وتمكين النساء وحرية الرأى والتعبير والصحافة.
أفادت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان الأسبوع الماضى عن أعمال الإبادة الجماعية الإرهابية التى ارتكبتها طالبان، حيث زعمت أن هناك 1783 ضحية مدنية، بزيادة قدرها 29 فى المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، وأعربت عن قلقها مع زيادة عدد القتلى والجرحى من النساء بنسبة 37%، وزيادة نسبة الإصابات بين الأطفال بـ 23% مقارنة بالربع الأول من عام 2020.
يتضح من هذه الصورة القاتمة أنه على الرغم من أن حكومة أفغانستان وشعبها قد أظهرا استعدادًا للتفاوض على تسوية سياسية مستدامة مع طالبان لإنهاء الحرب، إلا أن الأخيرة استغلت بشكل عكسى جهود السلام الأفغانية والدولية للحصول على الشرعية، وصعدت من عملياتها الإرهابية فى أفغانستان.. وبالتالى يصبح التساؤل حول دوافع سلوك طالبان؟
***
أولا، طالبان وباكستان ليسا صانعى سلام حقيقيين، بل بالأحرى مفسدى لعمليات السلام، وهذا السلوك ظهر فى تعمدهم عرقلة عملية كابول للتعاون من أجل السلام التى أعلنها الرئيس الأفغانى أشرف غنى فى يونيو 2017. أكدت استراتيجية الرئيس الأمريكى ترامب لجنوب آسيا لعام 2017 وتقارير المخابرات الأمريكية فى نفس العام أن طالبات تتمتع بملاذات آمنة فى باكستان؛ حيث يحصلون على الأسلحة والتوجيه الاستخباراتى والتدريبات والتلقين الأيديولوجى.
ثانيًا، ما تقوم به طالبان وباكستان من إفشال لعمليات السلام أدى إلى تمكين الجماعات الإرهابية الأخرى مثل القاعدة وداعش والشبكات الإرهابية الإقليمية وازدهارها والعمل على زعزعة استقرار أفغانستان. لقد خلقوا معا مناخا مناسبا لإنتاج المخدرات على نطاق واسع والتى تجنى منها طالبان حوالى 400 مليون دولار من العائدات السنوية التى تستخدمها فى أنشطتها الإرهابية.
ثالثًا، لم يحظ سلوك باكستان باهتمام من قبل من تدخلوا فى أفغانستان قبل 20 عامًا. وتعليقًا على الدعم المؤسسى للإرهاب الذى تحصل عليه دول الجوار لأفغانستان، غرد ترامب فى يناير 2018 قائلا إن الولايات المتحدة قدمت لباكستان أكثر من 33 مليار دولار من المساعدات على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ولم تقدم باكستان للولايات المتحدة سوى الأكاذيب.
***
كثيرا ما يقع الأفغان ضحايا للأولويات المحلية أو تضارب مصالح السياسة الخارجية. على سبيل المثال، الدوائر السياسية التى تتبع الدول المساهمة بقوات عادة ما تقف فى طريق تنفيذ استراتيجية حرب متماسكة طويلة المدى من أجل سلام مستدام فى أفغانستان. والسلام المستدام فى أفغانستان يتطلب صبرا والتزاما بتدفق الموارد لتنفيذ المساعدات اللازمة والتى كانت من الممكن أن تؤدى إلى تعزيز قدرات الدولة المدنية والعسكرية وتوفير الخدمات الأساسية فى جميع المناطق بأفغانستان وإنشاء بنية تحتية تدمج أفغانستان بالأسواق العالمية والإقليمية من أجل خلق فرص عمل مستدامة. كل هذا كان من الممكن تحقيقه من خلال دبلوماسية قوية تحفز التعاون الإقليمى لاستعادة السلام الدائم فى أفغانستان. ولكن العكس هو ما حدث، فعانت جهود تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار فى أفغانستان فى البداية من نقص التمويل وظلت مجزأة وغير متسقة ومنفصلة عن الهدف النهائى المتمثل فى مساعدة الأفغان على النهوض.
***
بالنظر إلى المستقبل، عندما يتم التوصل إلى اتفاق سلام فى الأخير، يجب على المجتمع الدولى أن يدرك صعوبة وتعقيد بيئة تنفيذ السلام فى أفغانستان، المليئة بالمخربين الذين يقوضون جهود صنع السلام أو الإنجازات التى لن تكون فى صالح أهدافهم الاستراتيجية. ولذلك يجب النظر فى تنفيذ استراتيجية مدروسة جيدًا لإنفاذ السلام مع وجود القوة الكافية، بما فى ذلك العقوبات المستهدفة، بعد توقيع اتفاق سلام شامل مع طالبان.
ولتحقيق هذه الغاية، ينبغى إعطاء الأولوية والتركيز للمقاتلين السابقين، وتجريد السياسة من الأسلحة، وتحقيق الأمن المدنى، وبناء برامج سلام تعزز حقوق الإنسان، والعمل على تمكين المرأة، وتحقيق مصالحة تساعد على غرز جذور السلام فى أفغانستان. بدون تبنى مثل هذه الاستراتيجية لفرض السلام والالتزام بتنفيذها، فإن اتفاقية السلام الموقعة بين الولايات المتحدة وطالبان فى فبراير وحدها ــ مثل اتفاقيات جنيف لعام 1988ــ لن تؤدى إلا إلى تبديد آمال الأفغان فى تحقيق سلام دائم.
فى الواقع، منع تاريخ الإرهاب المأساوى من تكرار نفسه سيخدم المصالح المتداخلة لأصحاب المصالح من الولايات المتحدة وأوروبا إلى الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية؛ الصين والهند وروسيا وإيران وتركيا وقطر. وكما تعهدت الدول مؤخرًا فى مؤتمر «قلب آسيا ــ عملية إسطنبول»، يجب عليهم التعاون معًا لتحرير أفغانستان من أغلال التطرف والإرهاب والمخدرات والفقر. سيؤدى هذا على الفور إلى تقليص التهديدات الأمنية والعنف فى جميع أنحاء المنطقة. وينبغى أن يمهد هذا الطريق لتعاون اقتصادى إقليمى ملموس عن طريق تعزيز التجارة، وإمدادات الطاقة، وكابلات الألياف الضوئية، والتفاعلات بين الناس فى أفغانستان المسالمة فى قلب آسيا.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved