شم النسيم وعيد القيامة

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: السبت 24 أبريل 2021 - 7:30 م بتوقيت القاهرة

عيد شم النسيم الذى عُرف أيضا بعيد الربيع، هو عيد مصرى صميم، منذ العهد الفرعونى، وورثناه إلى يومنا هذا، وقد ذكر هيرودوت (484 ــ 425 ق.م) أن المصريين يملحون السمك، كما ذكر أنه فى عيد شم النسيم كانوا يأكلون الخس والبصل والسمك المملح من الملح الحجرى من بلاد آمون وليس ملح البحر، وقد ظهرت هذه الأكلات فى الأسرة الخامسة. كما ذكر بلوتارك فى عيد «شمو» الذى جاء منه اسم شم النسيم.
أما السمك فكان يعتبر عطية النيل، فكان عيد «شمو» هو أيضا عيد الحصاد وكان الفراعنة يستعملون الملح للتطهير وإبعاد الأعمال الشريرة، كما كان الملح مصدر الصداقة، ومن هذا التعبير الشعبى القديم الذى ذكره بلوتارك (46 ــ 119م) «أكلنا عيش وملح». كما كانت الأسماك لا يدفع المصرى عليها ضرائب؛ لأنها هدية النيل الذى يظهر، خاصة فى موسم الفيضان أو فى الحقول بين الزراعات. فيملحونه عكس الطيور واللحوم التى كانت عليها ضرائب.
وارتبط عيد «شمو» عند القدماء بعيد الربيع آى عيد «بداية الخلق»، فكان ينظر إلى الملح أنه مقدس ورمز للإله، فعند ذوبانه فى المياه أصبح الإله فى كل مكان. أما الخس هو رمز للخصوبة، والسمك للتكاثر خاصة البلطى، والبيض كما قلنا سلفا رمز للحياة الجديدة، وكانت هذه المأكولات مجانية ورخيصة فى متناول كل الشعب.
وعندما دخلت المسيحية مصر فى منتصف القرن الأول الميلادى احتفظ المصريون بعاداتهم بل أعطوها معنى روحيا الذى هو مشترك مع عيد القيامة، فعلى سبيل المثال البيض يرمز لقيامة السيد المسيح. فكما يخرج الكتكوت من البيض وحده خرج السيد المسيح من القبر قائما من الأموات وحده، ومن هنا الارتباط بين عيد القيامة وعيد شم النسيم الذى لا يتحدد حتى يومنا هذا إلا بناءً على عيد القيامة، ليصبح اليوم الثانى للعيد، ورمز فتح السيد المسيح للفردوس، كما تحتفل به الكنيسة القبطية، ومنها انتشر هذا العيد فى كل العالم شرقا وغربا عند الأرثوذوكس والكاثوليك.
أما فى فلسطين فى الأرض التى ولد فيها السيد المسيح كان يسمى «عيد التقبيلة» أى أن قيامة السيد المسيح تصالح الناس على بعضها البعض خاصة بعد خصومة وتردد لبعضها البعض أثناء المصافحة «المسيح قام». ويجيب المتلقى «حقا قام»، واحتفظت كل الكنائس بهذا التقليد إلى يومنا هذا.
إذن عيد شم النسيم هو عيد فرعونى يحتفل به المصريون منذ آلاف السنين (يقال 4500 سنة)، التصق مع الوقت بعيد القيامة للمسيحيين، ثم ارتبط مع كل المصريين مسلمين ومسيحيين، ليكون عيدا مشتركا، فهو عيد الربيع وعيد الصداقة بين العائلات وعيد الخروج للمتنزهات، وبينما مصر تحتفل بملوكها فى احتفال بهيج (موكب المومياوات) والاحتفال قريبا بافتتاح المتحف الكبير وعدة متاحف أخرى وإعادة اكتشاف التاريخ المصرى القديم والحديث ــ أرى أنه من غير المناسب سياسيا واجتماعيا كما أشُيع تبديل يوم الإثنين عيد شم النسيم إلى يوم آخر.
وكل عام مصر والمصريون طيبون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved