مشكلة في التظلم

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 24 مايو 2023 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

التظلم من أى قرار للسلطة حق للمواطن، وفرض رسوم لتقديم مثل هذا التظلم منطقى وطبيعى لترشيد ممارسة هذا الحق، لكن عدم رد رسم التظلم فى حال قبوله وثبوت خطأ السلطة وليس المواطن أمر يجافى العدل والمنطق.
للأسف الشديد هذه الفكرة البديهية تبدو غائبة عن القائمين على أمر التعامل مع المخالفات المرورية الذين فرضوا رسما قدره 50 جنيها عند التظلم من أى مخالفة إلكترونيا، دون إمكانية رد قيمة الرسم حتى مع قبول التظلم وإلغاء المخالفة، فتكون النتيجة أن السلطة عاقبت المواطن وأخذت منه 50 جنيها رغم أنه لم يتركب أى مخالفة ولا جريمة.
فالمواطن الذى تلقى رسالة هاتفية تبلغه بارتكاب مخالفة تجاوز السرعة على الطريق الدائرى، راجع موقع الاستعلام عن المخالفات وعرض الصورة المرفقة مع المخالفة، اكتشف أن السيارة المخالفة ليست سيارته ولا حتى قريبة الشبه بها، ولوحة أرقامها مختلفة عن لوحة أرقام سيارته، ولكن مطلوب منه سداد غرامة قدرها 400 جنيه، وعندما تظلم من المخالفة تم إلغاؤها لكنه دفع 50 جنيها رسما للتظلم ولم يستردها.
والعقل والمنطق يقول إن الجهة التى أخطأت وسجلت المخالفة غير الحقيقية ضد المواطن هى التى يجب أن تتحمل رسم التظلم، على الأقل، إن لم تدفع تعويضا للمواطن عما سببه له خطؤها من أضرار نفسية وعن وقته الذى أهدره فى التظلم سواء تم إلكترونيا أو بالتوجه إلى الإدارة المعنية.
لماذا يتحمل المواطن ثمن استخدام الحكومة لأجهزة لا تستطيع رصد المخالفة بشكل صحيح، ولماذا نجبره على دفع رسم لا يرد إذا ما تظلم من خطأ هذه الأجهزة؟
المشكلة الأكبر أن المواطن فقد الثقة فى إمكانية استعادة حقه من الحكومة أو حتى تجنب أخطاء أجهزتها وبخاصة فى ملف المرور، فانتشر فى الآونة الأخيرة باعة العاكس الفسفورى لحزام الأمان فى السيارات وهو عبارة عن شريط لاصق فسفورى اللون يضعه المواطن على حزام الأمان، لكى يتفادى كاميرات المرور التى لا تستطيع التمييز بين الحزام وملابس المواطن عندما تتقارب الألوان فيتم تسجيل مخالفة القيادة بدون حزام أمان رغم ارتدائه بالفعل وهى شكوى تكررت كثيرا خلال الشهور الأخيرة.
الدلالة الخطيرة لانتشار عاكس حزام هى غياب الثقة فى كفاءة أجهزة الدولة واليأس من استرداد أى حق للمواطن منها، فقرر البحث عن حل غير تقليدى لا يضعه تحت رحمة الأجهزة الإلكترونية التى لا تستطيع التمييز بين القميص وحزام الأمان فتسجل على المواطن المخالفة. وإذا ما قرر هذا المواطن البائس التظلم من خطأ الجهاز الإلكترونى يضطر لدفع 50 جنيها لا ترد حتى عندما تتأكد الأجهزة المسئولة من سلامة موقفه.
لذلك على الحكومة إعادة النظر فى قواعد التظلم من المخالفات المرورية بحيث يكون من حق المواطن استرداد قيمة التظلم عند ثبوت براءته من المخالفة وسلامة موقفه، كما هو الحال فى التظلم من تصحيح امتحان الثانوية العامة حيث يسترد الطالب رسم التظلم إذا أظهرت المراجعة وجود خطأ فى تصحيح ورقته.
أما حرمان المواطن من حقه فى استرداد رسم التظلم رغم ثبوت عدم مخالفته فهو ظلم أكبر من المخالفة نفسها، ويحتاج من القائمين على المنظومة المرورية المسارعة لرفع الظلم، ورد الحق لأصحابه ممن يثبت لديها أنه لا ناقة لهم ولا جمل فى بعض المخالفات الناتجة عن خلل إلكترونى، أو عيب فى «سيستم» التسجيل.

أشرف البربرى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved