داعش يعود.. سورية عالقة.. ولبنان مفلس.. صورة وضع


رون بن يشاي

آخر تحديث: الأربعاء 24 يونيو 2020 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

تختلف الأنظمة فى العالم العربى وأحيانا تتشاجر مع بعضها. لكن فى الفترة الحالية، كلها تعمل وفق خطة واحدة، فى مركزها مواجهة الكورونا والتداعيات الاقتصادية لهذه الأزمة، إلى جانب الامتناع من القيام بخطوات سياسية وعسكرية كبيرة بانتظار نتائج الانتخابات فى الولايات المتحدة. الانتباه موجّه فى الأساس إلى الداخل، خوفا من تفشٍّ جديد خطِر للوباء، وتراجُع الاقتصاد. كل ما عدا ذلك سيعالَج بعد معرفة نتائج الانتخابات الأمريكية.
فى العراق، الأخبار الجيدة هى أنه أُقيمت حكومة مستقرة يترأسها مصطفى الكاظمى ليست خاضعة للنفوذ الإيرانى. اضطر الإيرانيون إلى التظاهر بالرضى لأنه لم يكن لديهم القدرة على طرح مرشح آخر له حظوظ فى مواجهته.
التطور الاستراتيجى السلبى الأكثر أهمية كان الانبعاث الفتاك لداعش. فقد عاد التنظيم ليضرب بكثافة. عناصر التنظيم استغلوا الوباء للعودة إلى كامل نشاطهم، لكن ليس كدولة، بل كتنظيم يخوض حرب عصابات وإرهاب.
إذا لم تنجح القوى الأمنية العراقية فى تقليص الظاهرة، من الممكن أن يظهر داعش فى الأردن أيضا، ويخصص الجيش الإسرائيلى انتباهه لهذه الظاهرة. عناصر الاستخبارات الأمريكية وكبار مسئولى البنتاجون راضون. بعد إعلان الرئيس ترامب الانتصار على داعش حذّروا من أن التنظيم لا يزال حيا. أيضا الشيعة العراقيون الذين طالبوا بطرد عناصر الجيش الأميركى بعد اغتيال سليمانى، يعيدون النظر فى مطالبهم.
فى سوريا، يسيطر الجمود على الأطراف التى لها علاقة بالوضع، بمن فيها الرئيس بشار الأسد والروس والإيرانيون والأتراك والأكراد الذين يعملون مع الأمريكيين، كلهم لم يحققوا أهدافهم. ولهذا الوضع عدة تداعيات.
سوريا فى وضع اقتصادى ميئوس منه، ولولا حصولها على التزود بالنفط باعتمادات من إيران، لانهار الاقتصاد السورى فى المناطق التى يسيطر عليها النظام. بالإضافة إلى ذلك، تخرج تظاهرات كبيرة إلى الشوارع فى المناطق التى يسيطر عليها الأسد احتجاجا على الوضع الاقتصادى.
فى هذا الوقت، فرض ترامب هذا الأسبوع عقوبات شخصية على بشار الأسد وزوجته، بالإضافة إلى العقوبات التى سبق أن فرضها على الاقتصاد فى سوريا. وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو قال هذا الأسبوع إنه يخطط لجولة إضافية من العقوبات.
على الرغم من هذا كله، يُظهر بشار الأسد ثقة بالنفس. بعد أن سمح له الروس باستعادة سيطرته على 70% من أراضى بلده، بدأ بتسريح الجنود النظاميين والاحتياطيين الذين خدموا فى الجيش 8 سنوات وحتى 9 سنوات على التوالى. كما بدأ بمطالبة الأثرياء الجدد فى سوريا بإسعاف الاقتصاد السورى. الأسد الذى يهدده الوضع الاقتصادى الآن أكثر من أى شىء آخر، فتح جبهة داخل عائلته مع ابن خاله الملياردير رامى مخلوف. فطالبه بإعادة المليارات التى سرقها من خزينة الدولة. يتحصن مخلوف فى منزله فى اللاذقية، وهناك من يقول إن أيامه أصبحت معدودة.
اغتيال سليمانى يظهر من خلال مؤشرات فى سوريا أيضا. المرشد الأعلى فى إيران على خامنئى يؤيد تقديم مساعدة عسكرية واقتصادية لنظام الأسد كى يصمد، لكنه ليس ملتزما مثل سليمانى بفكرة قيام جبهة سورية منفصلة ضد إسرائيل. هو لا يريد خسارة أشخاص وصرف مال من أجل تحقيق هذا الهدف. لذلك يركز حاليا قائد فيلق القدس اسماعيل قاآنى فى سوريا على الدفع قدما بمشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله وسحب عناصره والميليشيات الشيعية الموجودة بالقرب من الحدود مع إسرائيل.
فى لبنان، فاقمت أزمة الكورونا الأزمة الاقتصادية. حاليا، الدولة اللبنانية مفلسة رسميا، التضخم خرج عن السيطرة والتظاهرات خرجت إلى الشوارع.
فى إسرائيل، يُتوقع أن يحاول نصرالله تحويل كل الاتهامات الموجّهة إليه وإلى تنظيمه من خلال خلق نقاط احتكاك بإسرائيل فى سوريا أو البحر المتوسط، حيث يوجد خلاف بين لبنان وإسرائيل على ملكية المياه الاقتصادية التى توجد تحتها حقول الغاز.
فى هذا الجو من الانتظار من الصعب التقدير كيف ستكون ردات فعل المنطقة إذا ضمت حكومة إسرائيل مناطق فى الضفة الغربية. إذا كان الضم تدريجيا ورمزيا فى البداية يمكن التقدير أن احتجاجات الدول العربية ستكون دبلوماسية وكلامية فقط. فى الشارع الفلسطينى، سيحدث تصعيد، لكنه غير خطِر ــ أعمال شغب وتظاهرات إلى السياج الحدودى فى غزة. السلطة الفلسطينية لن تنهار. لكن إذا كان الضم كبيرا، فإنه لن يؤدى فقط إلى خرق الاستقرار فى المناطق الفلسطينية، بل أيضا إلى خطوات عملية من جانب الدول العربية تعيد عملية تطبيع علاقات الدولة اليهودية مع جيرانها إلى الوراء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved