فى انتظار دليل

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 24 يوليه 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

عام من حكم الإخوان المسلمين يجب ألا يمر فى حالة من الصخب الإعلامى دون توثيق، وتحليل معمق لطبيعة ما حدث فى المجتمع المصرى، سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا. هذه هى صناعة الباحثين الذى انصرف البعض منهم إلى الاشتباك السياسى، ونسوا أن عملهم هو جمع المعلومات، وتحليلها، واستخلاص النتائج، وهو أمر ضرورى للخروج بدروس تفيد التحول الديمقراطى.

فشل الإخوان المسلمين، ورئيسهم فى إدارة شئون البلاد لا يحتاج إلى برهان، ولكن معرفة ما حدث من جرائم، وكثير منها لايزال أسرارا لم تذع، ومعلومات محجوبة ضرورى حتى يتفهم المواطن طبيعة النظام السياسى قصير العمر الذى أوغل فى ثناياه.

لا تكفى التسريبات التى تنشرها الصحف وتعج بها الفضائيات عما اقترفه الإخوان المسلمون فى حق البلاد والعباد لأنها لاتزال فى طور الروايات التى لم يحقق فيها قضائيا، ربما باستثناء اقتحام السجون إبان ثورة 25 يناير التى يجرى التحقيق فيها. المسألة الآن أكثر تعقيدا لأن ما ينشر يقلب العديد من الموازين، ويفرض على أصحاب القرار فى الدولة وضع الحقائق عارية أمام المواطنين لمعرفة ماذا حدث فى مصر على مدار أكثر من عامين. من هو الطرف الثالث؟ من ارتكب المآسى الكبرى من موقعة الجمل ومحمد محمود، ومسرح البالون، وماسبيرو، والعباسية، واستاد بورسعيد... الخ؟ هل هم فلول الحزب الوطنى المنحل؟ أم هى جماعة الإخوان المسلمين التى يطالب البعض بحلها؟ كيف جرت «أخونة» مفاصل الدولة التى تؤكدها شواهد كثيرة، ويصر الإخوان المسلمون رغم ذلك على إنكارها؟ هنا يجدى حديث الأرقام، ولغة المعلومات. ما أدلة الاتهام فى قضايا تمس الأمن القومى المصرى مثل بيع قناة السويس أو التآمر مع حماس... الخ؟

لا يكفى قبول اتهامات من إعلام، يشكك فريق فى حياده، كما أنه ليس معقولا أن يظل المجتمع مجهلا بشأن ما حدث به من مآسٍ. نعرف الضحايا ولا نعرف الجناة. إذا كان محمد مرسى أغلق ـ كما يقال فى الإعلام ـ ملف الجنود المصريين الذين استشهدوا، وهم يكسرون صيامهم فى رمضان، فلماذا لا تعلن اليوم نتائج التحقيقات بعد أن غاب عن المشهد، ولم يعد له تأثير فى فتح أو إغلاق ملفات؟

يعيش الرأى العام هذه الأيام حالة من التخبط، بين نشوة منتصر ومظلومية مهزوم، لكن بعد أيام أو أسابيع ينتظر أن نرى متهمين خلف القضبان عن جرائم ذكر الإعلام أن الإخوان المسلمين ارتكبوها. سوء الإدارة السياسية واضح، ولكن الجرائم الجنائية تحتاج إلى أدلة. فإذا طال الانتظار ولم يظهر الدليل الدامغ، أيا كانت الأسباب، وبدا الأمر وكأنه أحاديث إعلامية لا أكثر فقد يتعاطف المواطن مجددا مع الإخوان المسلمين فى أقرب انتخابات برلمانية، وربما نسمع من يقول إن مرسى وجماعته من المظلومين تماما مثلما يردد البعض الآن كلاما مشابها عن مبارك.

إعلان الحقائق، وكشف المستور، ومعاقبة المتهمين هو مقدمة للإجابة عن سؤال يشغل كثيرين: ما مستقبل التيار الإسلامى فى مصر؟. هذه هى المصالحة الحقيقية التى تستند إلى حقائق وأدلة وعقاب. إذا لم يحدث ذلك أتوقع أن تكون مظلومية الإسلاميين ـ فى عيون المواطن البسيط ـ أعظم، وحججهم أصدق، وحظوظهم أوفر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved