(الصيادون) الأحرار


محمد سعد شحاتة

آخر تحديث: الإثنين 24 أغسطس 2009 - 5:28 م بتوقيت القاهرة

 لم أصدق عينى، وهى تطالع عناوين الجرائد اليومية كلها، أمس، فإلى هذه الدرجة اعتبرنا عودة الصيادين المختطفين نصرا فى حرب قومية؟ وإذا لم يكن الحال كذلك، فلماذا خرجت الجرائد بعبارات مثل: «استقبال تاريخى، استقبال الأبطال، مظاهرة شعبية، مصر تستقبل الصيادين العائدين، استقبال شعبى ورسمى».

نعم إن عودة مواطن واحد هو أمر قومى، يستحق من الجميع الفرح والاحتفال به، لكن أن تصبح النغمة السائدة أننا انتصرنا فى حرب، فهذا غير صحيح، لأننا لم ندخل حربا ولم تدافع جمهورية مصر العربية، أكبر دولة تطل على البحر الأحمر، عن أبنائها الذين يسعون على الرزق الحلال، مستندين إلى أن وراءهم بلدًا قويا وكبيرا يحميهم، عندما تبدل حالها وجاء اليوم الذى نجد مراكب الصيد المصرية تقع فى قبضة قراصنة صوماليين بالقرب من مضيق باب المندب، هل تذكرون معى دوره فى حروبنا ضد العدو الإسرائيلى «سابقا»؟.

قرأت ما قاله الصيادون، وكان كفيلا بزيادة الألم، فما سبق إعلانه من أن «جهة سيادية» تولت تنفيذ العملية والإفراج عن المختطفين، واعتقال خاطفيهم، ليس له أى سند من الصحة، وهو ما زاد ألمى الشخصى، فكم تمنيته، كم تمنيت أن تكون مصر القوية هى التى لم تترك أبناءها لقراصنة يهددونهم فى «أكل عيشهم» بعدما ضاقت بهم سبل العمل فى بر مصر ومصايدها، فأوفدت رجالها كما فى فيلم «عماشة فى الأدغال» ونفذوا العملية فى صمت ودمروا الحفار، عفوًا، القرصان الصومالى وحرروا الجميع وأسروا البقية، لكن أقوال الصيادين المحررين التى تنفى هذا، لا تقدم رواية أخرى يقبلها المنطق لتحريرهم أنفسهم وأسر القراصنة.

سيبقى ما حدث بعيدا فى المياه الصومالية سرا، لا نعرف تفاصيله، لكننا نعرف أنه كان تتويجا لخسارتنا الداخلية عندما جففنا بحيراتنا وردمناها، وخسارتنا الخارجية، تحديدا فى المجال الأفريقى، عندما لم نصبح نحن الكبار الذين يهابنا أى صغير من أى دولة أو «يعمل لنا حساب»، وأخشى ما أخشاه أن يمتد هذا الفشل الأفريقى إلى النيل ومياهه وحصتنا فيها.
أيها «الصيادون الأحرار» حمد لله ع السلامة ورمضان كريم.

mshehata@shorouknews.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved