المؤامرة على الرئيس

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 24 أغسطس 2016 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

إذا كان المنطق المستقيم لا يعتبر الحديث عن ضرورة ترشح الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة حكم ثانية مؤامرة على العملية الديمقراطية وتداول السلطة، فإن المنطق نفسه يرفض اعتبار الدعوة لعدم ترشحه أو تقديم منافس قوى يستطيع التفوق عليه جزءا من مؤامرة كونية تستهدف الرئيس واستقرار البلاد.

الممارسة السياسية الطبيعية تعطى لمصر الحق فى وجود الأصوات التى تطالب بضرورة وجود منافس قوى فى الانتخابات المقبلة، أو حتى تشكك فى جدارة الرئيس بفترة حكم ثانية بدعوى أن أول عامين من حكمه شهدا انهيارا غير مسبوق للجنيه وارتفاعا غير مقبول للدين العام، مع وصول أعداد السجناء والمحتجزين بسبب ممارسات سياسية إلى مستويات مرتفعة.

هذا الحق لا يتعارض مع ما يقوله البعض عن أن هذه «الأصوات المنكرة» تتجاهل حقيقة أن ما «أنجزناه فى مصر خلال عامين يفوق الخيال» وأن مصر «قد الدنيا»، وبالتالى يريدون قطع الطريق على استكمال مسيرة الإنجازات بالدعوة إلى طرح برنامج جديد للنهوض بمصر والاستعداد لمنافسة السيسى فى الانتخابات المقبلة.

ففى مقابل هذه «الأصوات المنكرة» توجد «الأصوات الفاضحة» التى تجتهد فى كشف حجم المؤامرة فيقول الكاتب عبدالقادر شهيب فى أحد البرامج التليفزيونية أمس الأول: «إن الرئيس السيسى يتعرض لحملة ممنهجة لإقصائه من المشهد السياسى وإفشاله»، وتقول مجلة المصور بتاريخ 4 أغسطس الحالى: «ما يحدث هذه الأيام، أن هناك خطة ممنهجة من بعض الطامعين فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى عام ٢٠١٨، لقطع الطريق على الرئيس السيسى للترشح لفترة ثانية».

والحقيقة أن التشكيك فى جدارة أى رئيس بالحصول على فترة حكم ثانية بدعوى أنه لم ينجز ما وعد به وأن سياساته خلقت من المشكلات أكثر مما عالجت، لا يدخل أبدا فى باب المؤامرة من أى نوع، بل إن من يهاجم أصحاب هذه الدعوات والمواقف هم من يتآمرون على الرئيس وعلى مصر كلها.

وهناك من يرى أن الرئيس تحدى الصعاب وبذل التضحيات وحقق ما لم يكن لأحد غيره أن يحققه، فحفر قناة السويس الجديدة وحل مشكلات الكهرباء والبنزين والتموين ويقيم العاصمة الإدارية الجديدة ويستصلح 1.5 مليون فدان ويبنى مليون وحدة إسكان اجتماعى ويشق 10 آلاف كيلومتر من الطرق، وبالتالى يجب التجديد له ليس لفترة رئاسة ثانية فقط وإنما مدى الحياة. ولهؤلاء كل الحق فى أن يروا ما يشاءون ويدافعوا عنه.

وإذا كان الرئيس قد اجتهد وضحى واختار من السياسات ما يؤمن بأنه يحقق الخير لمصر، وإذا جاءت نتائج هذه السياسات والاختيارات على غير ما يشتهى الشعب فارتفع معدل التضخم إلى نحو 14% وارتفع معدل الدين العام إلى نحو 97% وارتفع معدل الفقر من 26.3% فى 2015 إلى 27% خلال العام الحالى، واستمر نزيف خسائر مصر المادية والبشرية من الإرهاب وفشلنا فى إلزام إثيوبيا بمراعاة الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل، ووقعنا اتفاقا يعطى جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، فإنه من حق البعض رفض استمراره لفترة ثانية انطلاقا من قاعدة أن من يخلق المشكلة لن يستطيع حلها، خاصة إذا لم يكن يرى أنه خلق مشكلات بل يرى أنه حقق «إنجازات تفوق الخيال».

أخيرا، حق السيسى فى الترشح لفترة رئاسة ثانية «بناء على رغبة الجماهير» ثابت بحكم المنطق المستقيم والدستور، لكن القول إنه لم يقدم ما يبرر منحه فترة رئاسة ثانية ليس مؤامرة عليه ولا على البلاد وإنما هو حلم مشروع لمن يرى أنه من حقه البحث دائما عن بديل أفضل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved