الحوار الغائب عن مؤتمر الشباب

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 24 أكتوبر 2016 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

اليوم يلتقى مئات الشباب فى شرم الشيخ فى دعوة للحوار والنقاش، يسعى منظموه إلى ما يشبه فتح صفحة جديدة مع الجزء الأهم من الشعب المصرى الذى يشكل الشباب 60% منه، أو قل هى نوع من الاعتذار عن تجاهل صوت من تقدموا الصفوف إلى الشوارع والميادين فى ثورة 25 يناير، التى اسقطت رموزا لنظام لا تزال ذيوله تناور للبقاء معششة فى كل زاوية وركن، انتظارا للعودة إلى سابق العهد، تارة بالتصالح، وأخرى بتقديم الخدمات أو استدعائها لتولى المناصب.

فى الكواليس والعلن هناك تأكيد على أن الحوار سيكون جادا، وستتولى ورش العمل وحلقات النقاش كل كبيرة وصغيرة تهم الشباب ومستقبلهم، وليس هناك سقف ولا خطوط زرقاء أو حمراء أو أية ألوان كانت أمام طرح ما يواجه مصر من تحديات فى اللحظة الراهنة، ورؤية الشباب لطرق حلها والتعامل معها، وهناك تبشير من بعض الأقلام بأن المؤتمر ربما يتجاوز حدود اللقاء العابر، وإن استمر ثلاثة أيام فى المنتجع الهادئ، إلى خلق كيان على غرار منظمة الشباب الاشتراكى التى كانت مفرخة للقيادات فى الحقبة الناصرية.

النقطة المهمة التى يؤكد عليها المقربون مما يدور هى تناول العلاقة بين المشاركة السياسة للشباب والحريات العامة، فى ظل التضييق على هذه الحريات، ووجود مئات الشباب فى السجون بسيف قانون التظاهر، وحصار المنظمات الحقوقية التى انخرط فى صفوفها عدد لا بأس به من النشطاء الشباب، وهناك حديث على أن طاولة الحوار والنقاش يمكن أن تستوعب كل الآراء، وسماع الصوت المغاير.

وفى مقابل ترحيب البعض بهذا المؤتمر وما سيطرح من قضايا خلال جلساته وورش عمله، رفضت قوى سياسية وأهمها أحزاب التيار الديمقراطى، المشاركة التى اعتبرتها مجرد تجميل لتوجهات سياسية ترى أنها لا تلبى التحديات التى تواجه مصر فى الوقت الراهن، بل أنها تسهم فى تعقيد المشهد المرتبك، ووفقا للبيان الصادر عن اجتماع لاحزاب التيار فإن «سياسات الحكم الحالى اغلقت الأفق أمام حق الشباب فى التعبير السلمى عن الرأى وتم الزج بالمئات من الشباب فى السجون وحبسهم احتياطيا لفترات طويلة أو اصدار احكام قاسية بحقهم بناء على قانون التظاهر الظالم وغير الدستورى».

البيان بعد أن شن هجوما حادا على «أجهزة الإعلام التى تتلقى توجيهاتها من الأجهزة الرسمية بشن هجوم شرس على كل من يتجرأ على إبداء أى رأى مخالف لسياسات النظام الحالى»، قال إن احزاب التيار الديمقراطى لن تشارك «فى مناسبة هدفها التقاط الصور التذكارية والتعمية على المشكلات الحقيقية من تزايد لمعدلات الفقر وغلاء الأسعار، وغياب الخدمات الأساسية من صحة وتعليم التى تضمن لمواطن حياة كريمة».

وفى نهايته خلص البيان إلى أن مشاكل الشباب وأحلامهم لن تتحقق بعقد مؤتمرات حاشدة يتم فيها الترتيب مسبقا لكل ما سيصدر عنه من قرارات ومواقف هدفها تلميع النظام والزعم بأنه مازال يتمتع بتأييد واسع».

إذن نحن أمام أزمة ثقة لا تحتاج إلى برهان بين من يعولون على جذب الشباب العازف عن المشاركة، إلى مؤتمر يرونه مفتاحا للخروج من «مأزق»، وقوى لا يمكن إنكار أنها جزء لا يتجزأ من المعادلة السياسية فى الواقع المصرى، وإن اختلف البعض مع ما تطرحه من رؤى وتوجهات، وشن الهجوم عليها سيكون استمرارا لمراوحة الأمور فى مكانها، ومؤشرا سلبيا، يباعد ولا يقرب.

بعيدا عن الخلاف عمن ينظر لمؤتمر الشباب بنظارة وردية، ومن يولى ظهره بالرفض، ما يقلق أن كثيرا من الوجوه التى تتداعى على كل الموائد، وليس لها علاقة بالشباب، زاحمت بالمناكب والأقدام مهرولة إلى شرم الشيخ للبقاء فى مشهد هى جزء من «أزمته»، وهذا هو الحوار الغائب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved