إخوان سوريا.. التنظيم قبل الوطن!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 24 أكتوبر 2019 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

الموقف الرسمى لجماعة الإخوان من الغزو التركى لشمال شرق سوريا سقطة سياسية وأخلاقية فى تاريخ الجماعة، لن تدرك خطورته الآن وسوف يحاسبها التاريخ حسابا عسيرا. أتحدث عن الموقف الرسمى للجماعة، وليس عن ما يقوله أنصارها وهو أسوأ سقوطا وانحدارا.

يوم الخميس العاشر من أكتوبر الجارى أصدر «إخوان سوريا» بيانا رسميا اعتبروا فيه ما يسمى بعملية «نبع السلام» التركية «مهمة لمحاربة الإرهاب الكردى واستعادة وحدة سوريا». الجماعة دعت العشائر العربية والكردية فى شمال البلاد للانضمام للغزو التركى عبر ما يسمى بـ«الجيش الوطنى السورى»، لمساعدة الجيش التركى على إكمال مهمته.

هذا الجيش العميل والمرتزق دخل أراضى بلاده غازيا على الدبابات التركية، وهو لا يختلف كثيرا عما فعلته ميليشيا سعد حداد وأنطوان لحد، حينما كانت رأس حربة الاحتلال الإسرائيلى لجنوب لبنان بعد اجتياحه عام ١٩٨٢، وحتى خروجه مدحورا عام ٢٠٠٠. وينسى كثيرون أن إسرائيل ألقت بهؤلاء العملاء فى مزبلة التاريخ، ولم تقبل حتى تعليم أولادهم أو علاجهم فى المدارس والمستشفيات الإسرائيلية!!!

موقف إخوان سوريا الأخير يؤكد أنهم يخونون وطنهم لمصلحة تنظيمهم وجماعتهم وتشغلهم هموم ومزاعم ومشاكل تركيا، حتى لو كانت على حساب استقلال وكرامة جزء من بلدهم.

هم انحازوا لمصلحة شخص غير سورى، يزعم أنه يدافع عن الإسلام، ضد مجموعة من بنى وطنهم «الأكراد» يختلفون معهم فى الانتماء السياسى.

موقف إخوان سوريا هو نفسه موقف جماعة الإخوان عموما.

كل فروع الجماعة قالت نفس الكلام تقريبا الصادر فى بيان جماعة إخوان سوريا. وكان منطقيا أن يكون موقف إخوان ليبيا أكثر فجاجة، لأن تركيا هى من تزودهم بالأسلحة فى حربهم ضد الجيش الوطنى الليبى، كما أنها تدعمهم سياسيا، وكان منطقيا أيضا أن تكون قطر هى الدولة الوحيدة تقريبا فى العالم، التى تدعم العدوان التركى إضافة إلى بقية فروع الإخوان، وتنظيمات وميليشيات إخوانية أو قريبة منهم اتخذت الموقف ذاته.

وزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثان برر يوم الثلاثاء قبل الماضى العدوان التركى على سوريا، بقوله إن «تركيا لا يمكنها أن تصبر حتى تصل التهديدات الكردية إلى داخل أراضيها، وأنها حذرت من تسليح المجموعات «الانفصالية الإرهابية» يقصد الأكراد، لكن لم يصغ إليها أحد. وأن الأماكن التى تم «تحريرها» فى الشمال السورى فى وضع أفضل الآن، ولم نسمع عن أى تطهير عرقى أو انتهاكات من تركيا!».

انتهى كلام الوزير القطرى، وهو ليس مثيرا للدهشة، لأن تركيا دعمت قطر بوضوح بعد أن قاطعتها الدول الأربع مصر والإمارات والسعودية والبحرين، قبل أكثر من عامين ونصف العام، وصار لتركيا قاعدة عسكرية فى قطر. وبالتالى لم يكن متوقعا أن تخرج الدوحة لتعلن معارضتها للعدوان التركى، ثم إن الدوحة وأنقرة فى حلف أيديولوجى واضح، عنوانه دعم جماعة الإخوان وكل تنظيمات الإسلام السياسى العنيفة والارهابية.

لكن الوزير القطرى وغيره من داعمى الإخوان، حينما يقول إن من حق تركيا أن تغزو جارتها سوريا لحماية أمنها القومى، فهو يستنكر على سوريا أن تحاول استعادة جزء من أراضيها، استولى عليه الإرهابيون فى إدلب أو حلب بدعم من قطر وتركيا نفسها، وهو منطق فى غاية الغرابة!

والغريب أن حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق، يلوم على الجامعة العربية بل ويصف التقديرات العربية بأنها «ضحلة» بسبب اتفاق أمريكا وتركيا مؤخرا على وقف العدوان، والسؤال هل التواطؤ الأمريكى مع أنقرة يتحمل مسئوليته العرب، أم كان على الوزير القطرى أن يلوم واشنطن وترامب؟!

ولا يقتصر الأمر فقط على قطر أو الإخوان أو الموقف الغريب لحكومة مقديشيو الصومالية، لكنه يشمل أيضا العديد من التنظيمات المتطرفة والمصنفة إرهابية أيضا من دول عربية وأجنبية كثيرة. وكان لافتا للنظر مثلا، أنه بمجرد بدء العدوان التركى تبنى تنظيم داعش عملية إرهابية بسيارة مفخخة انفجرت فى مدينة القامشلى السورية، وقتلت ثلاثة مدنيين، ليعلنوا بذلك انضمامهم العملى إلى العدوان التركى.

ذلك هو موقف جماعة الإخوان وأنصارها ومموليها من العدوان التركى، ورغم أن العدوان توقف قبل أيام قليلة، نتيحة اتفاق تركى أمريكى، ثم تركى روسى، فإن سقطة جماعة الإخوان لن تسقط بالتقادم، وهى دليل إضافى على أن التنظيم لدى الإخوان مقدم بمراحل على أوطانهم!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved