انفجار خزان القهر

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الإثنين 24 نوفمبر 2014 - 8:40 ص بتوقيت القاهرة

تختلف الرؤية فى الوسط الفلسطينى أولا ثم العربى لعملية القدس الأخيرة، ويختلف التقييم لها والموقف منها، ما بين أغلبية كبيرة مباركة ومرحبة، وبين متحفظ أو متردد، وبين رافض ولا نقول مدين. وهذا أمر طبيعى طالما بقى فى حدود الجدل الصحى وفى الإطار الوطنى وعلى قاعدة مقاومة الاحتلال. فالعملية بطبيعتها وتوقيتها ومكانها وجرأتها وبمن توجهت إليه، عملية تستدعى الجدل، خصوصا ان هناك شبه إجماع على أن العملية سيكون لها ما بعدها فى اكثر من مجال ومستوى وعلى اكثر من صعيد.

عملية القدس الأخيرة ضربت على وترين هامين، الأول: هو وتر المبدأ، المبدأ الذى يبيح لكل من هو تحت الاحتلال مقاومته بكل الوسائل الممكنة والمتاحة. هذا المبدأ لم يخترعه الفلسطينيون لأنفسهم أو لغيرهم، بل هو مبدأ عالمى كونى تعترف به كل المؤسسات والهيئات الدولية وتقره كل الأعراف والمواثيق. والفلسطينيون شعب يقبع تحت نير احتلال استيطانى عنصرى، بل هو حالة الاحتلال الوحيدة الباقية فى العالم، وله كل الحق بأخذ هذا المبدأ بيده وان يخوض على هديه مقاومة مشروعة بكل الوسائل المتاحة.

أما الوتر الثانى: فهو وتر مشاعر الناس وكراماتها الوطنية والشخصية. فلا يتوقعنّ احد، وبالأحرى لا يتوهم، أن أناسا تحت احتلال طال واستشرى، يمكن ان يستمروا يتلقون الصفعات والإهانات، تداس كراماتهم وتسلب أراضيهم ومعها حرياتهم وتدنس مقدساتهم، ان يستمروا فى إدارة خدهم الأيسر إلى اجل غير مسمى.

فى لحظة ما وظرف ما، لابد ان تؤخذ حالة الناس من حيث مشاعرهم وكراماتهم وقناعاتهم ودرجة استعدادهم وتقبلهم ومستوى القهر الذى يقع عليهم وقدرتهم على الصبر وضبط النفس، لابد ان تؤخذ على قدم المساواة مع اى جهد وطنى يبذل بإخلاص وبدوافع وقناعات وطنية صادقة، سواء كان هذا الجهد تحركا سياسيا أو التزامات رسمية، أو من اى نوع آخر. بل ان حالة الناس فى ظروف وأوضاع محددة، مثل التى يعيشها الفلسطينيون الآن، تتقدم وتكون لها الأولوية على أى جهود أو التزامات.

فالناس هم الأصل والأساس، هم أصحاب الحق، وهم وقود النضال ضد الاحتلال وزيته وناره المقدسة التى يجب ألا تنطفئ تحت اى ظرف أو أى سبب حتى يزول الاحتلال.

هذه العملية وأخواتها، سيكون لها تداعيات وردود فعل كثيرة.

أول هذه التداعيات ظهرت فعلا وأطلقها نتنياهو باللغة التى لا يعرف سواها: تهديدات نارية بإجراءات عقابية استثنائية فى قسوتها، إطلاق حملة تسليح للمستوطنين للقيام بمزيد من الإعدامات الميدانية لكل فلسطينى يتظاهر محتجا على ممارسات الاحتلال التوسعية والعدوانية، واتهامات تهديدية تطال الكل، وأولهم الرئيس عباس. وثانية التداعيات، تطل برأسها بقوة وتقدم، وهى انتفاضة شعبية تغطى كل الأراضى الفلسطينية، تغذى تقدمها بقوة الإجراءات القمعية لدولة العدو وتدفع بقوة إلى قيامها.

فهل تكون ثالثة التداعيات جهدا جادا ومخلصا لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية تنفيذا أمينا للاتفاقات المقرة؟

وهل تكون رابعة التداعيات صحوة للقوى الدولية، والدول المتنفذة منها بالذات، لعمل واجراءات جادة ضد دولة الاحتلال تجبرها على إنهاء احتلالها؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved