تاريخ إثيوبيا المضطرب يشير إلى احتمالية اندلاع حرب أهلية شاملة

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 24 نوفمبر 2020 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع The Conversation مقالا للكاتبتين فرانسيسكا بالدوين وهيك اسكميديت، توضحان فيه الأسباب التى قادت إلى الصراع بين إقليم تيجراى والقوات الفيدرالية وسط مخاوف من امتداد الصراع ليشمل باقى الجماعات العرقية وجذب البلاد المجاورة... نعرض منه ما يلى:

تشن حكومة إثيوبيا، برئاسة رئيس الوزراء آبى أحمد، هجوما عسكريا فى إقليم تيجراى، أقصى ولاية فى شمال إثيوبيا. تم إعلان حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر فى المنطقة. كما تم الإبلاغ عن عشرات الضحايا وسط مخاوف من أن تسعة ملايين شخص معرضون لخطر النزوح.
وجاء الهجوم بعد اتهامات من حكومة آبى أحمد بأن القوات الموالية لجبهة تحرير شعب تيجراى، الحزب الحاكم فى تيجراى، هاجمت قاعدة عسكرية. ومنذ ذلك الحين وردت تقارير عن وقوع عدد من الغارات الجوية على ميكيلى عاصمة تيجراى.
كانت هناك توترات سياسية متصاعدة فى البلاد. حيث سيطرت جبهة تحرير تيجراى الشعبية على الجيش والحكومة فى البلاد قبل أن يتولى آبى أحمد منصبه فى عام 2018. أدى تشكيله اللاحق لحزب الرخاء الجديد إلى إزالة أعضاء جبهة تحرير تيجراى الشعبية من المناصب السيادية.
وعلى الرغم من أنهم يشكلون 6٪ فقط من سكان إثيوبيا، إلا أن التيجراى لطالما سيطروا على نسبة كبيرة من السلطة الفيدرالية منذ أن قادوا الطريق إلى النصر خلال الحرب الأهلية من 1974 إلى 1991. أخيرا، يحتج التيجراى على تهميشهم وعزلهم من قبل إدارة آبى أحمد. فغرض جبهة تحرير شعب تيجراى منع آبى أحمد من استبدال الحكم الفيدرالى بحكومة موحدة، حيث لن يلعبوا دورا مهما فيها.
وصلت التوترات إلى ذروتها عندما انتقدت جبهة تحرير شعب تيجراى قرار آبى أحمد بتأجيل انتخابات أغسطس 2020 على مستوى البلاد إلى أجل غير مسمى بسبب كوفيدــ19. وفى تحدٍ للحكومة، استدعى زعماء تيجراى ممثليهم الفيدراليين من أديس أبابا وأجروا انتخاباتهم الخاصة.
تصاعدت حدة الخطاب، حيث ندد آبى أحمد بالانتخابات ووصفها بأنها «غير شرعية» بينما وصفت وسائل إعلام تيجراى الحكومة بأنها «ديكتاتورية شخصية».
بالنسبة لمؤرخى الصراع والتمرد الشعبى، بما فى ذلك الحرب الأهلية الإثيوبية، فإن هذا ليس خلافا سياسيا تافها. إثيوبيا هى فيدرالية عابرة للعرق، مما يعنى أنها دولة مركزية تتكون من شبكة من الإدارات اللامركزية القائمة على العرق. وكل عرق فى منافسة منتظمة على النفوذ.
لذلك، هناك احتمال كبير بأن تبدأ حرب أهلية شاملة وتمتد إلى باقى أنحاء البلاد. حيث يُظهر التاريخ أن هناك قدرة على التعبئة ــ على نطاق واسع ــ داخل مجتمع تيجراى. كما أن ولاية تيجراى تقع على حدود إثيوبيا مع إريتريا، وبالتالى فإن جيشها لديه خبرة كبيرة فى الصراع. ويقدر عدد القوات شبه العسكرية التابعة للجبهة والميليشيات المحلية بنحو 250 ألف جندى.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك أخيرا انشقاق وخلاف عنيف بين الجماعات العرقية الأخرى فى إثيوبيا. شمل ذلك الأورومو، المجموعة العرقية التى ينتمى إليها رئيس الوزراء آبى أحمد. وامتد الخلاف على طول الحدود مع إريتريا.
إذا استمر إقليم تيجراى فى الصراع مع القوات الحكومية، فقد يشجع ذلك الجماعات المعارضة الأخرى على فعل الشىء نفسه وربما جذب الدول المجاورة إلى الصراع.
من جهة أخرى، كانت هناك دعوات دولية للتهدئة والحل السلمى. لكن آبى أحمد تعهد بمواصلة العمل العسكرى والسياسى تجاه إقليم تيجراى. وبذلك يكون تهديد التاريخ المتكرر للصراع يلوح فى الأفق بشكل كبير.

تاريخ الحرب الأهلية

تتمتع جبهة تحرير شعب تيجراى بتاريخ حافل من التعبئة الشعبية. كما احتفظ إقليم تيجراى بميليشياته المدربة جيدا منذ نهاية الحرب الأهلية فى عام 1991. وله تاريخ من النضال من أجل الديمقراطية والتمثيل.
فعندما أطاح الجيش بالإمبراطور هيلا سيلاسى فى عام 1974، فرض المجلس العسكرى المدعوم من السوفييت ــ الدرغ ــ نظام حكم قمعى. وعلى إثر ذلك، أظهرت تيجراى مقاومة غير عادية فى شكل ثورة شعبية شديدة التنظيم وناضجة سياسيا.
تم حشد عشرات الآلاف من الرجال والنساء والطلاب للقتال. كما تم إنشاء المدارس ومراكز التعليم الأخرى فى المناطق المحمية وتم إدخال إصلاحات غير مسبوقة للأراضى فى جميع أنحاء المنطقة. هذا يعنى أن الحركة أولت اهتماما كبيرا لاحتياجات السكان.
وعندما بدأت الثورة الشعبية فى الظهور، شكلت جبهة تحرير شعب تيجراى ائتلافا مع مجموعات تحرير أخرى أطلق عليها اسم الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبى. وتم تحقيق النصر ضد الدرغ عام 1991.
كان التحالف تقدميا، عمل على توحيد دولة منقسمة لتصبح أمة. ولابد من فهم ذلك فى سياق تاريخ طويل من الخلافات العرقية التى تسببت فى اضطرابات وخسائر هائلة فى الأرواح.
كان المبدأ الأساسى للدولة الفيدرالية الجديدة المنصوص عليه فى دستور عام 1995 هو المادة 39، التى نصت على أن لكل منطقة الحق فى تقرير المصير، كما يمكنها الانفصال بشكل سلمى إذا رغبت.
واليوم، تعتمد جبهة تحرير شعب تيجراى على هذا البند كدليل على حقها الديمقراطى فى إجراء انتخابات مستقلة وإملاء السياسة الإقليمية. فى غضون ذلك، اتهمت الحكومة المركزية الولاية الشمالية بمحاولة تقسيم البلاد وإضعافها.

التهديدات الفيدرالية

على الرغم من الآمال الكبيرة لتحقيق السلام والتنمية فى ظل حكومة موحدة، فإن استمرار قضايا الصراع العرقى والانقسام ــ الناتج عن التمثيل السياسى غير المتوازن ــ يوضح المخاطر التى يواجهها الاتحاد.
فعلى الرغم من أن صعود أحمد فى 2018 جلب آمالا كبيرة لتحقيق الإصلاح. لكن الواقع يهدد مرة أخرى بخيبة أمل ملايين الإثيوبيين الذين وضعوا ثقتهم فى قادتهم.
باختصار، مع تصاعد الأعمال السياسية والعسكرية، هناك حاجة ماسة لخفض التصعيد وإجراء حوار لتعزيز الحل السلمى. وإذا كان إقليم تيجراى يرغب فى تطبيق حقه فى الانفصال، فيجب مراجعة ذلك من خلال الوسائل الديمقراطية المخصصة لمثل هذا الحدث وذلك كله من أجل حماية استقرار إثيوبيا والمنطقة ومنع المزيد من الانزلاق نحو الحرب.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved