أخطأنا فى قرار الاستيطان

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 24 ديسمبر 2016 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

قولا واحدا أخطأت الدبلوماسية المصرية خطأ فادحا فى التعامل مع قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.

الخطأ الجوهرى هو الفشل فى قراءة جميع تفاصيل المشهد الشامل وتوقع ردود الفعل المختلفة، خصوصا موقف دونالد ترامب.

مرة أخرى نقع فى خطأ قاتل ومجانى بسبب غياب الاحترافية ونقص الكفاءة.

لا أحد عاقلا يشكك فى نوايا الدبلوماسية المصرية الوطنية، والدليل أنها هى التى أعدت مشروع القرار وكانت ستقدمه نيابة عن المجموعة العربية. وكان يمكنها من البداية ألا تعلن أنها ستقدم المشروع، وتكتفى بالتصويت فقط، ولو فعلت ذلك ربما ما تعرضت لكل هذا الحرج غير المسبوق.

لكن مبادرتها بإعداد المشروع تؤكد أنها كانت جادة فى الأمر، وبالتالى لا نشكك فى نواياها ولكن نسأل: لماذا حدث ما حدث؟!.

المنطقى أنه فى اللحظة التى أعلنت فيها مصر أنها ستقدم مشروع القرار لمجلس الأمن بصفتها عضوا غير دائم فى المجلس، فالمؤكد أنها كانت تدرك أنها ستدخل فى مشكلة مع إسرائيل، التى تسمح لنا بتسهيلات فى شمال سيناء خلافا لما تنص عليه كامب ديفيد، والمنطقى أنها كانت تعرف أن إدارة أوباما لن تستخدم «الفيتو» ضد القرار، والسؤال: ألم تكن دبلوماستنا تدرك أن هناك احتمالا بتدخل ترامب؟!.

كان يفترض أن سفارتنا فى واشنطن ووفدنا الدائم فى الأمم المتحدة يكونون على علم بكل السيناريوهات، ومنها مثلا لجوء حكومة بنيامين نتنياهو لترامب، الذى حاول بالفعل مع أوباما وفشل، وبالتالى اتصل بالرئيس عبدالفتاح السيسى.

ويبدو أنه بعد تدخل ترامب، كان التقدير المصرى الرسمى هو الآتى: هل تستمر مصر فى تقديم مشروع القرار، وتحصل على قرار تعلم يقينا أنه لن ينفذ على أرض الواقع، أم تدخل فى صدام دبلوماسى مبكر ضد إدارة ترامب، خصوصا انها تراهن عليه كثيرا فى المعركة ضد الإرهاب؟!.

لو أن دبلوماسيينا توقعوا الأمر، فربما ما كانت هناك مشكلة من البداية، بل كان يمكن أن تقدم أى دولة عضو فى مجلس الأمن المشروع، ويتم التصويت عليه بطريقة طبيعية، وتصوت مصر لصالحه، كما فعلت ليلة الجمعة، وينتهى الأمر تماما.

وبالتالى فالدبلوماسية المصرية لا تلوم أحدا غيرها. هى التى وضعت نفسها ووضعت كل المصريين فى حرج بالغ، بسبب التخبط الذى حدث.

سيقول البعض إن مصر لم تكن تتوقع بالمرة تدخل ترامب، لأنه لم يتم تنصيبه رسميا. أو أن إدارة أوباما تريد تفخيخ الطريق أمام ترامب، والإيحاء بأنها تنحاز للعرب والفلسطينيين؟!

والحقيقة أن هذا كلام لا يصح أن يقال، فالسياسة لا تعرف مصطلح «لم نكن نتوقع كذا أو كذا» ثم إننا لا يمكننا أن نلوم إدارة أوباما لأنها «صهينت» لمرة واحدة، وتركت المجتمع الدولى يلوم بقوة الكيان الصهيونى الغاصب فى فلسطين المحتلة.

نعم أوباما لم يفعل شيئا عمليا للقضية الفلسطينية منذ خطابه فى جامعة القاهرة 2009، وقدم لنا كلاما معسولا فقط، لكن هل نلومه لأن إدارته امتنعت عن استخدام الفيتو؟!.

أوباما يريد أن يختم فترته بشىء يفيدنا، فأهلا وسهلا. هو يريد أيضا أن ينتقم من نتنياهو، الذى لعب من ورائه مرارا وتكرارا فى عقر داره خصوصا الكونجرس، فإذا صب ذلك فى صالحنا فأهلا وسهلا ومرحبا.

صحيح أن هناك العديد من القرارات الدولية من مجلس الأمن صدرت لصالح الفلسطينيين والعرب من أول 242 و338، عام 1967 ثم القرار 446 لعام 1979 ثم 452 لعام 1979 أيضا ثم القرار 465 لعام 1980 الذى لم يدن الاستيطان فقط بل دعا إلى تفكيك المستوطنات، إضافة إلى عشرات القرارات فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وللأسف لم تنفذ جميعها.
القرار الذى صدر ليلة الجمعة الماضية رمزى ومهم جدا جدا، ويدين إسرائيل، وعلينا أن نفرح به ونحيى كل من صوت لصالحنا. لكن تذكروا أن إسرائيل تضرب عرض الحائط بكل القرار

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved