الإعلام وأحواله

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 10:10 م بتوقيت القاهرة

عودة وزارة الإعلام، أيا كانت الصيغة التى عادت بها، تعنى الاعتراف بأن هناك عثرات فى ملف الإعلام تستوجب العودة إلى الصيغة السابقة، ولو بشكل معدل. ولا أميل كثيرا إلى توجيه اللوم إلى هيئات أو مجالس تولت تنظيم الإعلام ــ مكتوبا ومرئيا ــ فى السنوات الماضية، لأن كثيرا من مشكلات الإعلام، عميقة، وبنيوية، ليس من السهل التعامل معها فى مدى زمنى قصير، خاصة فى ضوء التحديات التى تواجه المؤسسات الإعلامية. أظن أن أهم مشكلة تواجه الإعلام هى انصراف القارئ أو المشاهد عنها، وليس بالأمر العسير إثبات ذلك، وليس من الصعب أيضا اكتشاف أن الجمهور لم يزهد فى وسائل الإعلام عامة، لكنه انتقل من المطبوع والمشاهد منها إلى الالكترونى، ووسائل التواصل الاجتماعى، الذى أصبح له ثقل كبير. أسباب انصراف الجمهور عن وسائل الإعلام عديدة منها انخفاض الحرية، وضعف المهنية، وغياب الجدل الساخن فى السياسة الذى ينعكس بدوره على وسائل الإعلام، والأزمات المالية التى تمر بها المؤسسات الإعلامية، والتى أدت إلى انكماش دورها، وعدم قدرتها على متابعة ما يجرى، وزيادة التخوف من النقد بدعوى أنه يفت فى عضد الدولة التى تواجه بالفعل حصارا إعلاميا خارجيا، ووجود منابر إعلامية تقتات على التشهير بها، ومحاولة تقويض دعائمها، وبث الشائعات المغرضة. ولكن تجنب الرأى الآخر أدى إلى شعور فريق من الجمهور بتراجع مساحة الحرية، وهو أمر ينبغى أن نسرع بالتعامل معه. وقد آن الوقت أن نتحدث بصراحة عن ملف الإعلام، والذى يعانى من غياب الرؤية الشاملة، وتزايد الحديث عن تطوير وإصلاح الإعلام منذ سنوات دون اتخاذ إجراءات ملموسة وهو ما أدى إلى تفاقم المشكلات، وسبب الاحباط مثل تطوير أو إصلاح ماسبيرو، أو هيكلة المؤسسات الصحفية القومية، أو وضع منظومة إعلامية متكاملة للإعلام يظهر فيها التكامل بين المؤسسات الإعلامية، والهيئة العامة للاستعلامات، ونقابتى الصحفيين والإعلاميين، وموقف مدينة الإنتاج الإعلامى، وتطوير دورها، والانتاج الدرامى، الخ.
المهمة صعبة، لكنها تحتاج فى البداية إلى الإجابة عن السؤال الصحيح: متى يعود الجمهور بقوة إلى وسائل الإعلام؟ وما الأسباب التى تقود إلى ذلك؟ فى ظنى أن أى سؤال آخر لن يكون أساسيا فى هذه المرحلة، لأن تطوير الإعلام ليس هدفا فى ذاته، لأن الإعلام لا يعمل لذاته، ولكن من أجل جمهور لديه ملاحظات نقدية عليه، ليس هذا فحسب، بل إن القيادة السياسية كثيرا ما طالبت الإعلام بتحمل مسئولياته. إذا اجابنا بجدية وتجرد على هذا السؤال، سوف نضع أرجلنا على الطريق الصحيح، ونبلور رؤية لتطوير الإعلام. وإذا لم يجد وزير الإعلام الجديد الأستاذ أسامة هيكل، وهو إعلامى وبرلمانى صاحب خبرة، الدعم والمساندة، فسوف يواجه ذات العقبات، ويظل واقفا على اعتاب نفس المشكلات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved