أوبك: مراجعة لأسواق النفط في 2019 واستشراف لعام 2020

وليد خدوري
وليد خدوري

آخر تحديث: الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 - 10:25 ص بتوقيت القاهرة

تطورت سكرتارية منظمة الأقطار المصدرة للبترول (الأوبك) لكي تصبح الأبحاث التي تنشرها مصدرا رئيسا ذات مصداقية عالية عن المعلومات النفطية. من الملاحظ أن الكثير من دراسات المنظمة كانت تعتبر سرية وتوزع على المسؤولين النفطيين في الأقطار الأعضاء فقط. لكن تقرَرَ في أواخر القرن الماضي، وبعد نحو أربعة عقود منذ تأسيس المنظمة، أن نشر بعض أبحاث ودراسات المنظمة مفيد لشرح سياسات أوبك، بدلا من ترك هذا الشرح لأطراف أخرى ذات مصالح مختلفة. وهذا ما يجري حاليا. والدراسة أدناه، التي تم نشرها مؤخرا، تبين الاستنتاجات التي توصلت إليها المنظمة حول تطور الأسواق خلال هذه السنة واستشرافها وتوقعاتها للعام المقبل. تبين الدراسة مؤشرات الطلب والعرض النفطي العالمي. تؤكد هذه المعلومات والأرقام صحة سياسة المنظمة الجارية منذ أربعة أعوام بتخفيض الإنتاج من أجل استقرار الأسعار والتي بالفعل حافظت على معدل يتراوح في نطاق 60-70 دولار للبرميل.

تدل معلومات أوبك أن النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية قد تباطأ خلال عام 2019، بسبب المفاوضات التجارية ما بين الدول الصناعية الكبرى وخوف الأسواق من نشوب حروب تجارية مدمرة، التي أدت إلى تقليص كلا من معدلات الاستهلاك والاستثمار الدوليين. لكن، تشير الأوبك في نفس الوقت أن المفاوضات التجارية الدولية قد وصلت إلى نهاية مطافها. من ثم، فإنه يتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة في عام 2020، مع احتمال بدء انتعاش الاقتصاد العالمي، بعد التخوف والحذر الذي طغى على التجارة العالمية في عام 2019. تضيف الأوبك أن المناخ الإيجابي الجديد سيأخذ بعض الوقت ليعطي ثماره والتأكد من أن العلاقات قد تعود إلى مجاريها الإيجابية ثانية. لذا، فإن التوقعات للنمو الاقتصادي العالمي بحسب المنظمة ستستقر على معدل نمو 3 بالمئة للعامين 2019 و2020.

وتضيف الأوبك في تقريرها الشهري الأخير، أن الاتفاقات الاقتصادية التي تم التوصل إليها مؤخرا، كاتفاقية دول آسيان (الآسيوية-الباسيفيكية) ممكن أن تعيد الحيوية والزخم ثانية للتجارة العالمية. بالذات بعد الانتكاسات والصعوبات التي لحقت بالمحادثات الصينية- الأمريكية. كذلك، رغم بعض الصعوبات التي لا تزال تواجه المحادثات التجارية ما بين الولايات المتحدة ودول صناعية أخرى.

***

هذا، وبينما تستمر السياسات المالية الدولية في حالة توافقية، إلا أن تراكم الديون ومستويات المديونية في بعض الدول الكبرى تشكل مخاطر كبرى. وهناك تحديات كبرى للسياسات المالية لعدد من أعضاء السوق الأوروبية المشتركة، وكذلك البرازيل، بالإضافة إلى استمرارية التباطؤ في الاقتصاد الياباني. وهناك أيضا عدم توازن الأوضاع المالية في اقتصادات عدد من الدول النامية الذي قد يترك آثارا سلبية على الاقتصاد الدولي، هذا بينما ستترك الاضطرابات الاجتماعية الحالية في عدد من الدول النامية انعكاسات سلبية إضافية.

تتوقع الأوبك أن يشكل ارتفاع الطلب العالمي على النفط حوالي 0,98 مليون برميل يوميا في 2019، نظرا للتباطؤ الاقتصادي في بعض الدول الكبرى. كما تتوقع الأوبك أن ينمو الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الدول الصناعية الغربية) بزيادة هامشية نحو 0,02 مليون برميل يوميا خلال عام 2019، نظرا إلى انخفاض الطلب في القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية وفي المنطقة الآسيوية- الباسيفيكية. فقد انخفض الطلب على وقود الديزل في الولايات المتحدة من جهة كما تباطأ النمو الصناعي وتشييد البناء في المنطقة الآسيوية-الباسيفيكية من جهة أخرى مما خفض من الطلب على النفط خلال هذا العام. وهناك أيضا التباطؤ المهم في صناعات البتروكيماويات الذي أدى إلى انخفاض حجم اللقيم لتغذية الصناعات البتروكيماوية خلال النصف الأول من عام 2019.

أما في الدول الناشئة (الصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل) غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فيتوقع ازدياد الطلب على النفط في عام 2019 حوالي 0,96 مليون برميل يوميا. يعود السبب الرئيس في هذا الانخفاض لزيادة الطلب إلى تباطؤ استهلاك وقود المواصلات والوقود الصناعي في الهند خلال الربعين الثاني والثالث لهذا العام.

يتوقع ازدياد الطلب العالمي على النفط خلال عام 2020 نحو 1,08 مليون برميل يوميا، بحيث يزداد الطلب في الدول الصناعية الغربية (الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) نحو 0,07 مليون برميل يوميا، إذ يتوقع أن تسجل الدول الصناعية في القارتين الأمريكيتين الزيادة الوحيدة ما بين الدول الصناعية عموما خلال العام المقبل، نظرا إلى زيادة إنتاج الطاقة البتروكيماوية في هاتين المنطقة.

وفي الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يتوقع زيادة الطلب على النفط نحو 1,01 مليون برميل يوميا. وستكمن هذه الزيادة للطلب في الدول الآسيوية وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، حيث سيقود قطاعي المواصلات والبتروكيماويات هذه الزيادة.

***

شهدت زيادة الإمدادات النفطية من الدول غير الأعضاء في الأوبك انخفاضا خلال عام 2019، انخفاضا أقل مما توقعته الأسواق في الفترة الأولى. فقد توقع المراقبون زيادة الإمدادات نحو 2,10 مليون برميل يوميا في يوليو 2018، بينما الزيادة حاليا تقدر بنحو 1,82 مليون برميل يوميا. والسبب في انخفاض معدل الزيادة في الإمدادات يعود إلى تقلص معدل زيادة الإنتاج لكل من كندا والبرازيل والنرويج وكازخستان والصين وروسيا. ومن الملاحظ أن انخفاض معدل زيادة الإنتاج في الدول المنتجة غير الأعضاء في منظمة الأوبك قد حدث رغم زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر مما كان متوقعا له خلال هذا العام. وقد ارتفع معدل إنتاج النفط الصخري الأمريكي في 2019 نحو 1,62 مليون برميل يوميا. ومن المتوقع ارتفاع الإنتاج للنفط الصخري الأمريكي نحو 2,17 مليون برميل يوميا خلال عام 2020. وتتوقع الأوبك أن ترتفع الضغوط على نفوط أقطار المنظمة في 2020 بسبب الزيادة المتوقعة للنفط الصخري الأمريكي من حوض بيرمين في ولايتي تكساس وأوكلاهوما ولزيادة الإنتاج النفطي من الحقول البحرية لكل من النرويج والبرازيل واستراليا وأيضا غويانا.

من الملاحظ، أن هذه التوقعات لمنظمة أوبك باحتمال زيادة الإنتاج من الأقطار غير الأعضاء في أوبك، أو بالأحرى أوبك وحلفائها (24 دولة منتجة تضم إلى جانب أقطار أوبك روسيا وكازخستان وسلطنة عمان) ستحث أوبك وحلفائها إلى الاستمرار في تخفيض الإنتاج لفترة أخرى.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved