بايدن والدعوة لقمة الديمقراطية

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الخميس 24 ديسمبر 2020 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

ترك وعد الرئيس المنتخب جو بايدن، عن نيته عقد قمة للدول الديمقراطية، الباب مفتوحا أم اجتهادات الكثيرين فى العاصمة الأمريكية عن هوية الدول التى سيتم دعوتها أو استبعادها من المشاركة، وتبعات ذلك على علاقات تلك الدول بواشنطن خلال السنوات الأربع القادمة.
ويخطط الرئيس المنتخب بايدن لاستضافة تجمع للديمقراطيات فى العالم فى العام المقبل، على أمل أن يحسن صورة بلاده بعدما أظهر الرئيس المنتهى ولايته دونالد ترامب تجاهلا كبيرا لقضايا حقوق الإنسان والحريات حول العالم.
ومنذ الإعلان عن فوز بايدن يتساءل العديد من الدبلوماسيين الأجانب بواشنطن: هل ستتم دعوة بلادهم؟
ويُعقد من الإجابة على هذا السؤال حظر فريق بايدن الانتقالى جميع أفراد حملته الانتخابية أو فريقه الانتقالى ومنعهم من الحديث، على أى مستوى وتحت أى ظروف، مع الدبلوماسيين أو المسئولين الأجانب حتى يتم تنصيب بايدن رئيسا جديدا يوم العشرين من الشهر المقبل.
وكتب بايدن فى دورية فورين أفيرز منذ شهور عن إعادة تموضع بلاده على الساحة العالمية، وقال «سأدعو زملائى من قادة الديمقراطيات حول العالم لكى يعود تعزيز الديمقراطية أولوية على جدول الأعمال العالمى. اليوم، ترزح الديمقراطية تحت ضغط يفوق ذلك الذى رزحت تحته فى أى وقت من ثلاثينيات القرن الماضى».
ويهدف بايدن من قمة الديمقراطية إلى «إنعاش الروح والغاية المشتركة لأُمم العالم الحر، وسوف تجمع القمة ديمقراطيات العالم لتمكين مؤسساتنا الديمقراطية والتصدى بصدق لأحوال الدول الآخذة بالانزلاق، وصياغة أجندة مشتركة» كما ذكر.
***
لم تلعب شركات اللوبى والعلاقات العامة دورا مهما خلال السنوات الأربع الأخيرة؛ حيث جمع القاهرة وواشنطن علاقات حميمة ارتكزت على كيمياء وتناغم بين الرئيسين المصرى عبدالفتاح السيسى ونظيره الأمريكى دونالد ترامب. والتقى الرئيسان عدة مرات فى زيارات الرئيس السيسى لواشنطن أو نيويورك، ولم تعرف علاقات الدولتين إلا بعض التوتر على خلفية العلاقات المصرية مع كوريا الشمالية والتى تم حلها فى إطار مصلحة البلدين.
كما مثلت صفقة طائرات السوخوى 35 الروسية لمصر معضلة أخرى خلال سنوات حكم ترامب الأخيرة وتم أيضا التغلب على المشكلة.
وقبل أيام كشفت بيانات وزارة العدل الأمريكية عن تعاقد الحكومة المصرية مع شركة لوبى كبيرة تضم فى فريقها عضو مجلس النواب السابق من ولاية كاليفورنيا إد رويس ومساعدا كبيرا سابقا لرئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى، وتضم شركة «براونشتاين هيات فاربر» كذلك عددا من المسئولين السابقين من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، وتبلغ قيمة التعاقد الشهرية 65 ألف دولار.
واعتبر بعض المعلقين عودة الخارجية المصرية للاعتماد على شركة لوبى فى واشنطن بمثابة إشارة لقلق وشكوك القاهرة من مواقف وتاريخ فريق بايدن للسياسة الخارجية مدعما بما أظهره بايدن شخصيا خلال الأشهر الماضية من مواقف أزعجت القاهرة.
***
لم يحضر نائب الرئيس السابق جو بايدن الاجتماع الوحيد الذى جمع الرئيس السابق باراك أوباما مع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى مدينة نيويورك عام 2015.
ولم يعرف عن بايدن مواقف محددة تجاه الشأن المصرى خلال السنوات الأخيرة إلا ربما تغريدة على منصة تويتر فى يناير الماضى تعليقا على وفاة مصطفى قاسم، المواطن الأمريكى من أصل مصرى أثناء سجنه داخل مصر.
وكتب بايدن يقول «أتضامن مع أسرة مصطفى قاسم، وأصلى لها، فى هذا الوقت العصيب. الأمريكيون المحتجزون ظلما فى أى مكان فى العالم يستحقون دعم حكومتنا الكامل، وبذل الجهود الدءوبة لضمان إطلاق سراحهم».
وعلى الرغم من انتماء بايدن للتيار التقليدى فى السياسة الخارجية للحزب الديمقراطى، والذى لا تختلف سياساته فى مجملها عن سياسات إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، عرف الحزب خلال السنوات القليلة الماضية نموا صاعدا وقويا لتيار تقدمى يسارى يطالب بقطيعة مع ماضى السياسة الخارجية التقليدى فى الشرق الأوسط.
ولن نعرف بعد كيف سيتم التوازن بين التقليديين والتقدميين وتأثير ذلك على مواقف بايدن من الشأن المصرى.
***
إلا أن ما قد يزعج الحكومة المصرية يتعلق بنية إدارة الرئيس بايدن دعوة منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال الحريات ودعم الحقوق السياسية والديمقراطية للمشاركة فى قمة الديمقراطية. وكتب بايدن يقول عن القمة الموعودة إنها «سوف تتضمن القمة من أجل الديمقراطية أيضا منظمات المجتمع المدنى من حول العالم التى تقف على الخطوط الأولى فى الدفاع عن الديمقراطية»، وتتمتع الكثير من المنظمات المصرية بسمعة طيبة وتأثير ملموس فى الدوائر الحقوقية الأمريكية التى يقترب الكثير منها من الحزب الديمقراطى، ويتشابك بعضها مع دائرة الرئيس جو بايدن. من هنا مثلت تغريدة المرشح لمنصب وزير الخارجية تونى بلينكن، ونشرت بتاريخ الـ 20 من نوفمبر الماضى، وقال فيها: «نشارك القلق من اعتقال مصر ثلاثة موظفين فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التقاء دبلوماسيين أجانب ليست جريمة. كما أنها لا تدافع بسلمية عن حقوق الإنسان»، سببا كافيا لمضاعفة القلق المصرى من عدم توجيه الدعوة للحكومة المصرية للمشاركة فى القمة، فى الوقت الذى قد يتم توجيه الدعوة لبعض المنظمات الحقوقية المصرية.
كاتب صحفى متخصص فى الشئون الأمريكية ــ يكتب من واشنطن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved