كم يكفى لإحداث ثورة؟

معتز بالله عبد الفتاح
معتز بالله عبد الفتاح

آخر تحديث: الثلاثاء 25 يناير 2011 - 9:06 ص بتوقيت القاهرة

 فى حوار مع بعض المصريين فى الخارج، رجح معظمهم استحالة انتقال العدوى من تونس إلى مصر. وقد ساقوا عدة أسباب:

1ــ الشعب المصرى «مِنفّس».. أى أنه يقوم بالتنفيس عن غضبه من خلال النكات ومشاهدة الفضائيات والخطاب الدينى الإرجائى الذى يدعو الناس لأن يصبروا على الحاكم، ولو ضرب ظهرهم وأخذ مالهم، فالحاكم متروك (أى مرجأ) لأمر الله يوم القيامة، ولا مجال لمحاسبته فى الدنيا إلا إذا منع الناس من الصلاة.

2 ــ الشعب المصرى «فسد».. حيث انتقل فساد حاكميه لمحكوميه بفضل الجهود الجبارة للإخوة النصابين الذين يتحدثون عن الفضيلة ويمارسون الرذيلة ويكتسبون الحصانة عبر شراء الأصوات والتزوير فى الانتخابات. وبالتالى لا فرق كبيرا بين أن يساعد بعض الآباء أبناءهم على الغش فى الامتحانات، أو أن يقوموا هم بالغش فى الانتخابات.

3 ــ الشعب المصرى «محافظ».. أى أنه لأسباب تاريخية وثقافية لا يتحرك من النقطة «أ» إلا إذا عرف النقطة «ب»، ولهذا يفضل «العفريت اللى يعرفه عن الملاك اللى ما يعرفوش،» فلا يكفى أن تقول «لا» للتمديد و«لا» للتوريث، بل لا بد أن تقول لهم بوضوح «نعم».

4 ــ الشعب المصرى «جاهل» وليس متعلما تعليما راقيا مثل نظيره التونسى.. جامعاتنا ومدارسنا تساهم فى جريمة متكاملة الأركان تجعل خريجينا غير قادرين على الابتكار والتفكير بشكل غير نمطى (صدَّقت إحدى مسئولات صندوق النقد الدولى على هذا الكلام خلال اليومين الماضيين).

5 ــ المسيسون من المصريين على قلتهم شديدو الانقسام أيديولوجيا.. فلو اجتمع خمسة من قيادات الرأى والفكر والسياسة فى مصر فيصلون إلى 10 آراء متعارضة.

رغما عن كل ما سبق، فأنا أعتقد أن الاطمئنان الذى أبداه بعض المحسوبين على الحزب الحاكم لدرجة الادعاء بأن احتمال انتقال العدوى إلى مصر «كلام فارغ» لا يقوم على قراءة سليمة لتاريخ ثورات وانتفاضات الشعوب سواء فى منطقتنا أو فى العالم.

ولو صدق تحليل تشارلز تيلى (كواحد من أعظم من درسوا تاريخ الثورات فى العالم) فإن نسبة من يقومون بالثورة فعليا لا يزيدون على 5 بالمائة من المواطنين. ولو تخيلنا فى مصر 1 بالمائة فقط من المصريين فوق سن الـ18 (أى 50 مليون مصرى) والذين لا تنطبق عليهم الصفات الخمس السابقة، فهؤلاء سيكونون نصف مليون شخص.

فمن يستطيع أن يوقف زحف مثل هذا العدد المهول من البشر؟ لذا أصلحوا أو ارحلوا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved