التفجيرات النووية الفرنسية فى الجزائر.. إرث استعمارى مشع

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع قنطرة مقالا للكاتبة «إليزابيث بريانت» تناولت فيه تجارب فرنسا النووية فى صحراء الجزائر التى نتجت عنها أضرار طالت غرب أفريقيا بأسره وجنوب أوروبا وعدم اعتراف فرنسا بهذه الجرائم حتى الآن... جاء فيه ما يلى.

بإجراء تجربتها النووية الأولى، التحقت فرنسا تلقائيا بنادى القوى النووية المغلق، بالاعتماد على قاعدة فى العقيدة العسكرية لا تزال سارية المفعول إلى يومنا هذا، ويتعلق الأمر بمفهوم الردع النووى القائم على أى ردع «الضعيف للقوى».
نموذج فعال ومعناه «إذا هاجمتنى فسأظهر لك، وحتى لو كنتُ أصغر منك فسوف أوجعك إذا استدعى الأمر ذلك»، وبالتالى فلا حاجة لاختبار القوة بين الكبار. وباتت فرنسا بالتالى، تمتلك سلاح دمار شامل، قادرا على إلحاق خراب لا يوصف بالعدو، الذى كان يتمثل خلال الحرب الباردة فى التهديد السوفييتى.
فى عام 1960، كانت الجزائر لا تزال مستعمرة عندما فجر الجيش الفرنسى قنبلة 70 كيلوطن فى الجو، وهو ما يعادل أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما، فى عملية سُميت بـ«الأزرق غيربواز» أو (اليربوع الأزرق) بمنطقة «رقان» الصحراوية جنوب الجزائر.
وتبعتها بعد ذلك ثلاث تجارب أخرى فى سماء الصحراء الجزائرية خلال نفس العام، رغم أن المنطقة لم تكن فارغة من السكان، إذ أُصيب أكثر من 40 ألف نسمة بالإشعاع بين عامى 1960 و 1966.
جراح تلك التجارب لم تندمل بعدُ، سواء فيما يتعلق بتعويض الضحايا أو تطبيع العلاقات السياسية الفرنسية الجزائرية بشكل كامل.
وفى حوار مع دويتشه فيله قال إبراهيم أومنسور الخبير فى شئون شمال أفريقيا فى المعهد الفرنسى للعلاقات الدولية ومقره باريس: «إنه جزء من قضية إنهاء الاستعمار فى كليته، إذ يسعى الجزائريون للمطالبة بالاعتراف الفرنسى بالجرائم المرتكبة» حين كانت قوة استعمارية.
وإبراهيم أومنسور أضاف أنه بالنسبة لفرنسا، فإن ذلك قد يعنى «تعويضات مالية بملايين اليورو».

رغم الوثائق.. فرنسا تنكر!
بعد ثلاثة أيام من التفجير النووى عام 1960 أكّدت السلطات الفرنسية أنّ النشاط الإشعاعى فى المنطقة بأسرها غير مؤذٍ بتاتا لأن مستوياته هى أدنى بكثير من مستويات الإشعاعات الخطرة.
لكنّ وثائق رفعت عنها السرية فى عام 2013 كشفت أنّ مستويات النشاط الإشعاعى كانت أعلى بكثير من تلك التى أقرّت بها باريس فى ذلك الوقت، وأنّ أضرارها طالت غرب أفريقيا بأسره وجنوب أوروبا.
أما المواد التى استخدمتها فرنسا فى تجاربها النووية فكان أغلبها من البلوتونيوم شديد الإشعاع، بالإضافة إلى مادة اليورانيوم التى يستمر إشعاعها إلى أكثر من 24 ألف سنة.
ويعانى سكان رقان من تفشى التشوهات الخلقية خصوصا لدى المواليد الجدد. إضافة إلى معدلات كبيرة من الأورام الخبيثة والتعقيدات الجينية المختلفة. وتلتزم الحكومة الفرنسية الحالية الصمت تجاه هذه القضية.
ولم يشر خطاب ألقاه الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن السياسة النووية فى فبراير 2020، ولو بكلمة واحدة للموضوع. فيما تؤكد لجنة التعويضات الفرنسية أنها استجابت للمطالب التى تفى بالمعايير المنصوص عليها فى القانون.

مطالب بجبر الضرر
ككل يوم جمعة، منذ فبراير 2019، يتجمهر المتظاهرون شارع ديدوش مراد فى قلب العاصمة فى إطار حراك شعبى يسعى لتغيير نظام الحكم القائم. ففى جمعة 24 يناير 2020، رفع متظاهرون شعارات تندد بما فعلته فرنسا بالجزائر «كفئران تجارب» فى الصحراء الجزائرية خلال المرحلة الاستعمارية.
وهذا يعنى أن مطالب الاعتراف بهذا الجانب من الجرائم الاستعمارية لا يزال حاضرا على المستوى الشعبى كما الرسمى. وبهذا الشأن، أكد الطيب زيتونى وزير المجاهدين (قدامى المحاربين فى حرب الاستقلال ضد فرنسا) يوم (الجمعة 14 فبراير 2020) أنّ «هذه المأساة تندرج ضمن السجلّ الدموى للمستعمر الفرنسى الحافل بالجرائم والمجازر التى اعتمدها للنيل من شموخ الشعب الجزائرى».
ويضيف الطيب زيتونى: «وهى دليل على الجرائم المقترفة فى حق الإنسان والبيئة الصحراوية والتى لا تزال إشعاعاتها النووية تلقى بأضرارها الوخيمة على المحيط العام».
وشدّد زيتونى على أنّ خطة عمل الحكومة الجديدة التى وافق عليها مجلس النواب مساء الخميس 13 / 02 / 2020 «تتناول بصراحة ملف التفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر، وهو من ضمن أربعة ملفات كبرى عالقة، أوقفت الجزائر التفاوض بشأنها مع الطرف الفرنسى لعدم لمس جدية فرنسا فى تلك المفاوضات».

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved